كتاب رحلة الحج إلى بيت الله الحرام - ط عالم الفوائد

له، وينيط الحكم بالمعنى الاعم.
مثاله في القرآن قوله تعالى: < فعلئهن نضف ماعلى لمحصنث مى
لعذالمحط > [النساء/ ه 2] فقد الغوا خصوص الاناث في تشطير الحد،
واناطوه بالرق.
ومثاله من السنة قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: "لا يقضي
القاضي وهو عضبان". فإن ذكر الغضب مقرونا بالحكم يدل بظاهره
على التعليل بالغضب، لكن ثبت بالنظر والاجتهاد أنه ليس علة لذاته،
بل لما يلازمه من التشويش المانع من استيفاء الفكر، فيحذف خصوص
الغضب، ويناط النهي بالمعنى الأعم الذي هو التشويش المدهش عن
الفكر، فيحرم القضاء مع كل ما يدهش عن الفكر كالعطش والجوع
المفرطين، وكالحقن والحقب أعني مدافعة البول والذائط، ونحو ذلك
من نزول مصيبة او فرح شديد، وغير ذلك.
ومن هذا القسم إيجاب مالك وأبي حنيفة رحمهما الله الكفارة
بالأكل والشرب عمدا في نهار رمضان، وبيانه أنه جاء أعرابي للنبي
صلى الله عليه وعلى آله وسلم يضرب صدره وينتف شعره ويقول:
هلكت وأهلكت، واقعت أهلي في نهار رمضان، فقال له صلى الله عليه
وعلى آله وسلم: "أعتق رقبة ". فألغى ما اك وأبو حنيفة رحمهما الله
خصوص مواقعة الاهل، وأناطا الكفارة بالافطار عمدا؛ لما فيه من
انتهاك حرمة رمضان، فأوجبا الكفارة في الأكل والشرب.
والقسم الثانيئ من تنقيح المناط: هو أن تكون اوصاف في محل
الحكم لمحيحذف بعضها عن الاعتبار، ويناط الحكم بالباقي من
160

الصفحة 160