كتاب رحلة الحج إلى بيت الله الحرام - ط عالم الفوائد

إنه هجاك، فقال زياد للرجل الواشي: أفأجمع بينكما؟ قال: نعم،
فبعث زياد إلى ابن همام فجاء، ودخل الرجل بيتا، فقال زياد لابن
همام: بلغني أنك هجوتني، فقال: كلا أصلج الله الأمير ما فعلت، وما
أنت لذلك أهل. قال: فان هذا أخبرني وأخرج الرجل. فأطرق ابن
همام هنيهة، ثم أقبل على الرجل فقال له هذين البيتين:
وأنت امرؤ إما ائتمنتك خاليا فخنت واما قلت قولا بلا علم
فأنت من الامر الذي كان بيننا بمنزلة بين الخيانة والاثم
فخجل الرجل وأقصاه زياد.
والبيتان المذكوران فيهما "السبر والتقسيم "؛ لانه حصر الاوصاف
بالتقسيم الصحيح في أمرين، وهما: أنه إما ن يكون حدثه بأنه هجا
زيادا، واما ن يكون كذب عليه في ذلك، ثم بين بالسبر أنه مذموم على
كل من الأمرين، لأنه إن كان أخبره لأنه هجا زيادا وائتمنه على هذا
السر، فأفشاه إلى زياد، فهو خائن والخائن مذموم، وان كان بهته
وكذب عليه بأن قال عنه: إنه هجا زيادا بالكذب فهو كذاب ذو بهتان
وهو مذموم، فبين بهذا الدليل أنه مذموم على كل حال، فانقطع ولم
يحر جوابا بالطهور والإفحام بالسبر والتقسيم، إذ كان الحصر والإبطال
صحيحين.
واعلم ان "السبر والتقسيم " من حيث هو أعم من "السبر والتقسيم"
الذي هو الرابع من مسالك العلة، لان "السبر) " الذي هو المسلك لابد
فيه من بقاء وصف صالح للتعليل مع إبطال غيره من الاوصاف التي
178

الصفحة 178