كتاب رحلة الحج إلى بيت الله الحرام - ط عالم الفوائد

قلنا لهم: أقررتم بحدوث جميعها وانقطاع تسلسلها، لاقراركم
بأن الأول منها مسبوق بعدم، وهو المظلوب.
وإ ن ادعوا أن أولها مقترن بالازل بحيث لم يسبق عليه عدم.
قلنا: لو كان غير مسبوق بعدم لكان قديما، والقديم يستحيل فناؤه
عقلا، وأنتم مقرون بمناء الفرد الأول الذي ادعيتم اقترانه بالازل.
فان قالوا: لا نسلم أن القديم يستحيل فناؤه.
قلنا لهم: البرهان العقلي قاض باستحالة فناء القديم.
وا يضاح ذلك: أنه لو جاز عدمه لكان عين الجائز العقلي؛ لأنه هو
ما يجوز فيه الوجود والعدم، وكل ماجاز وجوده وعدمه عقلا استحال
رجحان وجوده على عدمه المساويه عقلا أزلا بلا مرصح؟ لأن العقل
يوجب بقاء المساواة حتى يوجد مرجح، والا لزم رجحان احد
المتساويين بلا مرجح، وهو محال عقلا كاقتضائه كونهما متساويين
وغير متساويين، وهو محال ضرورة، فظهر عقلا ان كل ما جاز عدمه
استحال قدمه، وكل ما وجب قدمه استحال عدمه.
وأول الافراد المتسلسلة المزعومة معدوم الان قطعا فهو حادث
قطعا؟ إذ لا يجوز العدم إلا على حادث، لان ما يجوز فيه امران - اعني
الوجود والعدم - يحتاج إلى مرجح يرجح أحد الجائزين على مساويه
الاخر، وإلا لبقيا متساويين، والمحتاح إلى مرجح حادث؛ لأف
مسبوق بمرجحه الذي رجح وجوده على عدمه المسا،-ي عقلا أزلا.
فظهر بهدا البرهان العقلي أن كل ما سوى الله حادث، وأن ادعاء
18

الصفحة 18