كتاب رحلة الحج إلى بيت الله الحرام - ط عالم الفوائد

والحقيقة.
وإن تقاربت منفعتهما ولم تتحد ففيهما في مذهب مالك خلاف.
والمشهور أن التقارب في المنفعة لايمنع السلم، ولا يجعلهما كالشيء
الواحد، كما قال خليل في " مختصره ": " ولو تقاربت المنفعة " وقد قال
في الترجمة: " وب" لو" إلى خلاف مذهبي ".
وفلوس النحاس والكاغد المتعامل بهص في بلاد السؤال من
افريقية الفرنسية منفعتهما متحدة من كل وجه، إذ لا نفع في احدهما إلا
برواجه بتعهد الحكومة بأن من دلمحعه يعطى كذا، فنحاس الفلوس في
بلد السؤال لا يصلح لشيء من أنواع الصناعات البتة، ولا نفع فيها إلا
التعامل الواقع به، وكذلك الكاغد.
والوجه الثالث: المنع لاجل التهمة؛ لان اكثر الناس في محل
السؤال إذا أفتاهم بعض العلماء بأن الكاغد المتعامل به لا يجوز سلم
شيء منه في أكثر منه من جنسه؛ لأن الشيء في مثله قرض عند
المالكية، فيؤول إلى القرض بزيادة، وهو حرام، يتحيلون إلى سلم
كاغد في كاغدين بأن يسموا المسلم فيه نحاسا، ثم إذا حل الاجل لا
ياخذون إلا نفس الكاغد؛ لأنه هو قصدهم، وتسميتهم النحاس تحيل
بالطاهر للتوصل إلى باطن حرام. والشيء إذا كثر قصد الناس لباطنه
الحرام متوسلين له يظاهره المباج، يحرم عند مالك، قال حليل في
"مختصره ": " ومنع للتهمة ما كثر قصده ".
والحاصل أن الإمام مالكا يوجب سد الذريعة الوسطى.
24

الصفحة 24