كتاب رحلة الحج إلى بيت الله الحرام - ط عالم الفوائد

يكون الامر حلالا في ظاهر الأمر إلا ن الناس يقصدون بطاهره الحلال
التوسل إلى باطن حرام.
ومذهب مالك تحريم ذلك حسما للمادة وسدا للذريعة.
مثال ذلك: ما لو بعت سلعة بثمن لاجل، ثم اشتريتها بعينها بثمن
آقل من الاول نقدا او إلى اجل اقرب من الاجل الاول، او اشتريتها
بثمن اكثر من الأول لاجل ابعد من الاجل الأول. فالشراء الثاني مباح
في الظاهر إذ لا موجب لمنعه ظاهرا، لكن يمكن التوسل به إلى باطن
حرام، فمنعه مالك رحمه الله تعالى حسما للمادة وسدا للذريعة؛ لان
السلعة الخارجة من اليد العائدة إليها ملغاة، فيؤول الأمر إلى أنك
دفعت دراهم فأخذت عنها بعد ذلك أكثر منها، أو أخذت دراهم
فدفعت عنها بعد ذلك أكثر منها، وكل ذلك حرام عند مالك، وإن
سمي بيعا في الظاهر؛ لان الشيء في مثله عند المالكية قرض، وإن
سمي بيعا او سلما؛ لان العبرة عندهم بالحقيقة لا بالعنوان، فالحقائق
لا تتغير بتغير عناوينها.
ومثل هذه البيوع المحرمة عند المالكية المسماة في اصطلاحهم
الخاص بهم "بيوع الاجال" جائزة كلها عند الإمام الشافعي رحمه الله،
وكثير من العلماء، لانهم لا يوجبون سد الذريعة الوسطى التي بيناها،
وسدها صل من أصول مذهب مالك رحمه الله.
قال في "مراقي السعود":
سد الذرائع إلى المحرم حتم كفتحها إلى المنحتم
26

الصفحة 26