كتاب رحلة الحج إلى بيت الله الحرام - ط عالم الفوائد

وإذا كانت علة الفسخ المذكور مخالفة ما كان عليه الجاهلية، فلا
دلالة فيه على أفضلية التمتع بفسخ الحج إلى عمرة.
ولا يقدح في هذا أنه صلى الله عليه وعلى اله وسلم بين بطلان ما
كان الجاهلية عليه في عمره الثلاث قبل حجة الوداع؛ لأن عمرة
الحديبية التي صده المشركون فيها عن البيت عام ست كانت في ذ ي
القعدة من أشهر الحج، وكذلك عمرة القضاء عام سبع كانت في ذ ي
القعدة، وكذلك عمرة الجعرانة عام ثمان عام الفتح كانت في ذ ي
القعدة أيضا؛ لأن حجة الوداع اجتمع فيها من الخلق ما لم يجتمع في
غيرها، فالبيان فيها أعظم موقعا، وله فائدة لم تكن في غيره، ولذلك
جاء في الحديث: "فتعاظم ذلك عندهم ".
ومن أدلة المالكية والشافعية على الخصوص المذكور حديث
الحارث بن بلال بن الحارث عن أبيه قال: قلت يا رسول الله، أرأيت
فسخ الحج إلى العمرة لنا خاصة أم للناس عامة؟ فقال رسول الله صلى
الله عليه وعلى اله وسلم: "بل لكم خاصة ". رواه ابو داود والنسائي
وابن ماجه وغيرهم.
قال النووي في هذا الحديث: إسناده صحيح، إلا الحارث بن
بلال فاني لم ار فيه جرحا ولا تعديلا، وفد رواه ابو داود ولم يضعفه،
وما لم يضعفه ابو داود فهو حديث حسن عنده إلا أن يوجد فيه ما
يقتضي ضعفه. قال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى: هذا
الحديث لا يثبت عندي، ولا أقول به. قال: وقد روى الفسخ أحد
عشر صحابيا، أين يقع الحارث بن بلال منهم؟!.
296

الصفحة 296