كتاب رحلة الحج إلى بيت الله الحرام - ط عالم الفوائد

قال النووي رحمه الله: لا معارضة بينهم وبينه حتى يقدموا عليه؛
لأنهم اثبتوا الفسخ للصحابة، ولم يذكروا حكم غيرهم، وقد وافقهم
الحارث بن بلال في إثبات الفسخ للصحابة، لكنه زاد زيادة لا
تخالفهم، وهي اختصاص الفسخ بهم.
واحتجوا ايضا للاختصاص المذكور بحديث ابي ذر رضي الله عنه
قال: "كانت المتعة في الحج لأصحاب محمد صلى الله عليه وعلى آله
وسلم خاصة " رواه مسلم موقوفا على ابي ذر.
قال البيهقي وغيره من الائمة: اراد بالمتعة فسخ الحج إلى
العمرة؛ لانه كان لمصلحة، وهي بيان جواز الاعتمار في اشهر الحج،
وقد زالت، فلا يجوز ذلك اليوم لأحد.
واحتج ابو داود في "سننه" والبيهقي وغيرهما في ذلك برواية
محمد بن إسحاق عن عبدالرحمن بن الأسود عن سليمان بن الأسود
ان ابا ذر كان يقول: "من حج ثم فسخها بعمرة لم يكن ذلك إلا للركب
الذين كانوا مع رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم " وإسناده هذا
لا يحتج به؛ لأن محمد بن إسحاق صاحب "المغازي " مدلس، وقد
قال: "عن "، واتفقوا على ان المدلس إذا قال: "عن " لا يحتج به.
قال النووي: واعلم ان البيهقي ذكر بابا في جواز الافراد، والتمتع،
والقران، ثم بابا في تفضيل الافراد، ثم باب من زعم ان القران افضل،
وان النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم كان متمتعا 5 وذكر في كل نحو ما
ذكرته من الأحاديث. ثم قال: باب كراهة من كره التمتيع والقران، وبيان
ان جميع ذلك جائز، وإن كنا اخترنا الإفراد. فذكر في هذا الباب
297

الصفحة 297