كتاب رحلة الحج إلى بيت الله الحرام - ط عالم الفوائد

ثم سافرنا من "مكة المكرمة " وبعد أن اعتمرنا من التنعيم، وطفنا
وقت السفر طواف الوداع، ودعونا الله ألا يجعل ذلك آخر عهدنا ببيته
الحرام، فنزلنا "جدة" في البيت الذي نزلنا فيه أول نزولنا ب"جدة " من
الباخرة، وبتنا في "جدة" ليلة واحدة، وسافرنا منها بعد صلاة العصر
متوجهين إلى "المدينة" فركبنا في سيارة، ومالكها معنا فيها، وهو
يحفظ القران العظيم، وعرض علينا في الطريق أجزاء عديدة من
القران، ولا بأس بقرائته وحفظه، وقد ضاع علينا اسمه قبل تقييده،
فوقفت بنا قليلا بعد المغرب في محطة اسمها "ذهبان"، ثم مرت بنا
على محطة اسمها "تول " ووقفت فيها قليلا، ثم سارت بنا، فقدمنا على
البلد المعروف ب"رابغ" فسالتهم عن موضع يسمى "عزور" هل
يعرفونه؟ فاخبرني بعض أهل " رابغ " أنه معروف عندهم الان، ويقولون
له باللسان الدارجي: "عزورة" وأراني حرة زعم أنها عند الموضع
المذكور. وسبب سؤالي لهم عن "عزور" المذكور أني تذكرته بسبب
ذكر عمر بن أبي ربيعة المخزومي له غير بعيد من "رابغ " في شعره حيث
يقول:
فلما جزنا الميل من يطن رابغ بدت نارها قمراء للمتنور
ولما أضاء الفجر عنا بدا لنا ذرى النخل والقصر الذي دون عزور
ووجدنا في "رابغ " غالب الطعام الموجود لحم السمك. ثم ذهبنا
في تلك الليلة صن "رابغ"، وبعد ظرف قليل من الزمن صعدت بنا
السيارة جبلا عبدت فيه الطريق للسيارات، فقال لنا صاحب السيارة:
هذا الجبل اسمه " هرشى " فتذكرت قول الشاعر وتمثلت به:
320

الصفحة 320