كتاب رحلة الحج إلى بيت الله الحرام - ط عالم الفوائد

بالقدم في اصطلاحهم، فلا تقول: عدم ما سوى الله قديم، وإنما
تقول: أزلي.
فتحصل أن الازلي ما لم يكن له أول، وجودا كان أو عدما،
والقديم مالم يكن له اول بقيد الوجود خاصة، وا لى هذا التحقيق اشار
علامة زمانه بلا نزاع ابن عمنا المختار بن بونه الجكني في كتابه
المنظوم المسمى " وسيلة السعادة " بقوله:
واعلم بأن قدما من أزل أخصن إذ كل قديم أزلي
من غير عكس وكذا حكم البقا مع حكم الاستمرار فيما حققا
لأنه خص البقاء والقدم بذي وجود دون أمر ذي عدم
والأزلي والمستمر عما كلا فكل بهما يسمى
ومما سألونا عنه مذهب أهل السنة في ايات الصفات وأحاديثها،
كقوله تعالى: < ثم اشتوى على اتعسش) [الاعراف/ 54، يونس / 3، الرعد/ 2،
الفرقان /59، السجدة /4، الحديد/4]، وقوله جل وعلا: < يد الئه ف! ق
أيديهم) [الفتح/ 10]، وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: "قلب المؤمن
بين إصبعين من أصابع الرحمن "، ونحو ذلك.
فأجبناهم بأن المذهب الذي يسلم صاحبه من ورطتي التعطيل
والتشبيه هو مذهب سلف هذه الامة من الصحابة والقرون المشهود لهم
بالخير وأئمة المذاهب وعامة أهل الحديث، وهو الذي لاشك أنه
الحق الذي لاغبار عليه، وضابطه مجانبة أمرين، وهما: التعطيل
والتشبيه.
48

الصفحة 48