كتاب رحلة الحج إلى بيت الله الحرام - ط عالم الفوائد

عندهم دون النطق محال لاستحالة انفكاك الماهية من جزئها، وتقدم
أن النطق عندهم القوة المفكرة لا الكلام، والناطق مقسم للحيوان، ا ي
قسم من اقسامه؛ لأنك تقول: الحيوان ينقسم إلى ناطق وغير ناطق،
فالفصول التي هي عندهم المميزات الذاتية مقومة للأنواع، مقسمة
للأجناس كما بينا.
وايضاج المقام أن الماهية عندهم مركبة من جنسها وفصلها قهما
جزءاها. وأحدهما: أعم متها ماصدقا وهو الجنس. والثاني: مساو
لها ماصدقا وهو الفصل، وهما صفتاها النفسيتان.
فإذا حققت أن الصفة النفسية في اصطلاجهم جزء من الماهية،
وجزءاها منحصران في الجنس والفصل، وحققت ان ذات الله جل
وعلا يستحيل عقلا ونقلا في حقها الجنس والفصل؛ لأن الجنس لا
يكون إلا كليا مشتركا بين ماهيات كالحيوان، فإن الكفي هو القدر
المشترك بين الانسان والفرس مثلا، وحقيقة الالوهية لا يشترك مع الله
فيها غيره البتة < وإلهكم إله واحد لا الة إلا ممو آلرخمن الزحيم *)
[البقرة/ 163]، والفصل لا يكون إلا كليا مميزا لبعض أفراد الجنس التي
هي الانواع عن بعض، لان الانواع مشتركة في الجنس تتمايز فيما بينها
بفصولها، ففصل الانسان عندهم الناطق، وفصل الفرس الصاهل،
وفصل الحمار الناهق. وقس على ذلك.
وإنما سموا الفصل فصلا؛ لان به فصل النوع عما يشاركه من
الانواع في الجنس، فالانسان والفرس مثلا مشتركان في الحيوانية التي
هي عندهم مركبة من جسمية ونمائية وحساسية، والجسمية عندهم
60

الصفحة 60