كتاب رحلة الحج إلى بيت الله الحرام - ط عالم الفوائد

الشك فيه، وقد أطبق جميبع العقلاء على أن لازم الحق حق، فالحق لا
يلزمه الباطل أبدا باجماع العقلاء.
فادعاء النافين بعض صفاته جل وعلا، كالاستواء واليد وغيرهما
مما جاء في الكتاب والسنة، مدعين أن إثباته له جل وعلا يلزمه مشابهة
الحوادث واضح البطلان؛ لاقرارهم أن الاستواء واليد مثلا أخبر الله
بهما، وهو صادق الخبر قطعا، وكل العقلاء يقر بأن الصدق لا يلزمه
الكذب أبدا بحال.
وا يضاح ذلك المقام على مصطلحهم الكلامي: أن النافين لبعض
الصفات يستدلون على نفيها بلزوم عقلي، إذا أفرغ في قالب
اصطلاجهم يتبين أنهم استدلوا بقياس استثنائي مركب من شرطية
متصلة لزومية استثنوا فيه نقيض التالي، فأنتجوا نقيض المقدم. وقد
تقرر عندهم في المركب من متصلة لزومية أن استثناء نقيض التالي ينتج
نقيض المقدم، واستثناء عين المقدم ينتج عين التالي؛ بلا عكس
فيهما، فاستثناء عين التالي أو نقيض المقدم لا ينتجان لزوما؛ لجواز أ ن
يكون التالي أعم من المقدم، ولا يخفى أن وجود الاعم لا يستلزم
وجود الأخص، ونفي الاخص لا يستلزم نفي الاعم، بخلاف العكس،
أي فنفي الأعم يستلزم نفي الأخص، ووجود الاخص يستلزم وجود
الاعم.
وقد تقرر عند جميع النظار من كلاميين ومناطقة وجدليين أ ن
استنتاج عدم المقدم - الذي هو الملزوم - من عدم التالي - الذي هو
اللازم - لا يصح إلا إذا كانت لازمية التالي للمقدم صحيحة، كما في
64

الصفحة 64