كتاب رحلة الحج إلى بيت الله الحرام - ط عالم الفوائد

وباتت بنا تلك الليلة في قرية اسمها "سيكثو"، وباتت بنا أيضا في الليلة
الثانية في قرية اسمها "صن) "، ومررنا في طريقنا هذه على قرى صغار
مساكنها العرش والأخصاص، يزرعون الذرة واللوز، وليس على
أبدانهم شيء من الثياب أصلا، ونساوهم حالقات الرووس عاريات
جميع البدن، والواحد منهم ذكرا كان أو نثى يجعل خرقة صغيرة جدا،
أو ورقة من ورق الشجر على سوءة قبله، ولا يستتر بشيء غير ذلك،
وهم سود الالوان، سمعت بالاستماضة أنهم وثنيون يعبدون الشجر،
وما نزلنا في شيء من قراهم، ولا كلمنا منهم أحدا مع أن السيارة تمر
بنا من بين مزارعهم، ما عليهم من الثياب إلا ما ولدتهم به أمهاتهم،
وسمعت أنهم ربما أكلوا الناس، ويسمون باللسان الدارجي "العرايا"
وهم تحت حكم فرنساه
ثم جاءت بنا السيارة بلد "مبتى" وقت الظهر، فنزلنا في دار قيها
تجار منا، فبالغوا في إكرامنا، وبتنا معهم ليلتين، ثم حملونا في البريد
الفرنساوي المتوجه إلى قرية "فاو 5"، فمكث بنا دون "فاوه" ليلتين:
أولاهما: في محل اسمه "دوينصه"، وكان مقيلنا من الغد في قرية
اسمها "همبري ". والثانية على شاطىء النهر، ما بيننا وبين قرية "فاو 5"
إلا نفس النهر. ثم دخلنا "فاوه" وقت الضحى، فنزلت عند رجل تاجر
من أبناء العم اسمه الزاوي، وهو رجل طيب الاخلاق والشمائل،
فأحسن إلينا غاية الاحسان، واجتمع علينا تجار من قبيلتنا الجكنيين
كانوا في أرض "فاوه"، فمكثنا معهم أسبوعا في غاية الاكرام
والتبجيل، وزارنا كثير من أهل " فاو 5"، وسألونا عن مسائل:
72

الصفحة 72