كتاب رحلة الحج إلى بيت الله الحرام - ط عالم الفوائد

فاذا كان حديث " لا وصية لوارث " ليس بمتواتر، ونسخ القرآن
بغير المتواتر ليس بواقع عند جمهور الاصولين، فادعاء نسخ الاية
المذكورة بالحديث المذكور مشكل، وادعاء بعضهم إمكان تواتره
قيل: لا تقوم به حجة؛ لاشتراط التواتر في جميع طبقات السند.
وأما ايات المواريث فانها لا تنافي الوصية حتى يكون ثبوتها رافعا
لها؛ لان النسبة التي بين الوصية و لميراث التباين الخلافي، والخلافان
يصج اجتماعهما عقلا، كالكلام والقعود، وشرعا ككون الوالد يرث
وبره واجب، والناسخ والمنسوخ لابد أن تكون بينهما مناقضة بحيث
يكون ثبوت أحدهما يقتضي نفي الاخر، كالنقيضين والضدين
والمتضائفين والعدم والملكة، وان كان الغالب كونهما نقيضين، ا و
ضدين فقط، وبالجملة فالميراث يجامع الوصية إذ ليس ثبوته يقتضي
رفعها، واذا كان ثبوت الامر الجديد لا يقتضي رفع الامر الأول،
فكيف يعقل كونه ناسخا له؟
وما جاب به المحرر العبادي في حاشيته المسماه "الايات
البينات " من أن حديث "لا وصية لوارث " وان كان خبر احاد، فقد
اعتضد بموافقة الاجماع له، للاجماع على نسخ اية الوصية للوالدين
والأقربين، فصار بسبب اعتضاده بالاجماع كالمتواتر، فلذا صح نسخ
الاية به - فهو جوالب ليس فيه عندي مقنع؛ لامرين:
الأول: أن الاجماع الذي ذكر ليس ثابتا، بل خالف فيه كثير من
العلماء.
والثاني - على تسليم الاجماع جدليا - هو: ما صححه الاصوليون -
77

الصفحة 77