كتاب رحلة الحج إلى بيت الله الحرام - ط عالم الفوائد

تلك الليلة كلما خرجت من ورطة حبستها اخرى، لان الارض هناك
رمال دهسة لينة جذا، وبتنا الليل كله نمشي على أفدامنا لكن قليلا
قليلا؛ لكثرة عوائق السيارات بالرمل اللين، ولم نزل على تلك الحال
حتى كان وقت الضحى، فدحلنا واديا فيه زراعات ومياه وفيه الفلفل
الاحمر بكثرة لا ندري ما اسمه، وقلنا فيه ثم رحنا منه اخر النهار، وبتنا
تلك الليلة تعالج الوعث والماء و الطين، والليلة الثالثة كذلك، ثم جئنا
اخر النهار بعد الثالثة للقرية المسماة "آتيه" فالتمسنا عربيا نبيت عنده
فدعانا رجل عربي والله ما سألت عن اسمه ولا اسم أبيه خوفا من
الغيبة، فانزلنا في مكان يعوي منه الكلب و غلقه علينا من الخارج،
فبتنا بليلة لا اعاد الله علينا مثلها اشد من ليلة نابغية، ومن ليلة مهلهلية،
فذكرتني تلك الليلة ليلة النابغة التي قال فيها:
كليني لهم يا ميمة ناصب وليل أقاسيه بطىء الكواكب
وليلة المهلهل التي قال فيها:
أليلتنا بذي حسم أنيري إذا أنخط انقضيت فلا تحوري
وقد وصف طولها بقوله:
كأن كواكب الجوزاء عوذ معطفة على ربع كسير
كان الجدي في مثناة ربق أسير او بمنزلة الاسير
كواكبها زواحف لاغبات كأن سمائها بيدي مدير
إلى أن قال:
87

الصفحة 87