كتاب الرحلة إلى أفريقيا - ط عالم الفوائد

وهنالك قوم اخرون قالوا: إن الخلع طلاق، وقالوا: هذه الاية - وإن
استدل بها ترجمان القران ابن عباس - لا دليل فيها؛ لأنه لما قال:
< لطب صتان) ذكر جواز الخلع لا يقتضي أن الخلع طلقة ثالثة، وقد
جاء في حديث مرسل حسن أن الثالثة في قوله: < ودتئريح باحشن)
[البقرة/ 229] فتكون الثالثة جاءت قبل ذكر الخلع فلا دليل في الخلع.
وأنا قول: أقرب الوجهين عندي للمعنى قول من قال: إنه طلاق؛
لان الخلع معاوضة، و حد المتعاوضين لا يدفع إلا شيئا يملكه،
والرجل لا يملك نوعا من الفراق للمرأة إلا الطلاق، فالذي يطهر أ ن
عوض المال من جهة المرأة يقابله عوض مملوك للرجل من جهة
الرجل، ولا يملك من ذلك شيئا إلا الطلاق، ويستانس لهذا بما ثبت
في الصحيح في بعض روايات مخالعة ثابت بن قيس وامرأته أن النبي
!! قال له: "خذ الحديقة وطلقها تطليقة " (1). فكأن هذا يستأنس له
بأنه جعل الطلقة في مقابلة المال. والله تعالى أعلم.
أما تعدد الزوجات فينطر فيه بنظرين: أما هو من أصله دل القران
على إباحته، وفيه مصالح عظيمة للرجل وللمرأة وللأمة؛ لان المرأة
الواحدة تمرضرا وتحيض وتنفس فتكون عاجزة عن أخص لوازم
الزوجية بتلك الاعذار والعوائق، والغرض الاكبر من أغراض النكاح:
التناسل وكثرة الامم؛ لتقوم الامة في وجه عدوها لتكون كلمة الله هي
العليا؛ ولان الله أجرى العادة بأن الرجال أقل عددا في أقطار [الدنيا
(1) أخرجه البخاري في الطلاق، باب الخلع، حديث رقم (5273) 395/ 9.
واطرافه في: (5274 - 5277).
148

الصفحة 148