كتاب الرحلة إلى أفريقيا - ط عالم الفوائد

لكم - أيها الاخوان - الموقف الطبيعي والذي ينبغي أن يفهم ويسلك
لتكونوا على بصيرة من هذه الفكر المتناقضة التي ضاع الاسلام
والمسلمون ضحيتها، وهو ما ذكرنا الآن أن هناك طرفان: طرف من
الشيوخ الجامدين الذي يظنون أن كل تقدم في ميدان من ميادين الحياة
أنه كفر ومضادة للدين!!، وهذه جناية على الاسلام والمسلمين، وفكر
غير صواب، وطائفة أخرى ثقفها الاجنبي ثقافة مضادة للاسلام،
وصبغها كيف يشاء، فكانت تنظر إلى الدين بغير حقيقته، تزعم وتعتقد
أن كل تمسعك بالدين أنه رجعية وانحراف عن مسايرة ركب التطور
وجمود بالامة وحلود بها إلى الهاوية!!
هاتان الفكرتان - أيها الاخوان - كلتاهما خاطئة وكلتاهما ضرر
على الامة، ونحن نبين لكم الموقف الطبيعي كما ينبغي، إيضاح ذلك:
أن هذا النوع المسمى بالانسان - أيها الاخوان -: لو كان مخلوفا من
عنصر واحد لكان يمكن أن يكتفي باتجاه واحد، ولكنه مخلوق من
عنصرين مختلفين في الحقيقة غاية الاختلاف، أحدهما: اسمه
الجسد، والثاني: اسمه الروح، وللجسد متطلبات لا تقوم بها متطلبات
الروح،! للروح متطلبات لا تغاني عنها متطلبات الجسد، فلابد أ ن
يسعى الانسان سعيا مزدوجا لمتطلبات الروح ومتطلبات الجسد،
فاهمال متطلبات الروح هو الويلة الكبرى على العالم، وهو مشاهد
الآن، الكتلة الشرقية والكتلة الغربية، أعني نححا في خدمة الانسان من
حيث العنصر الجسدي في جميع أنواع الماديات والتنظيميات، وخدم
الانسان من حيث إنه جسد وجسم بخدمات هائلة لا يعبر عنها، ولكن
الحضارة الغربية أفلست كل الافلاس من جهة الناحية الروحية؛ لانهم
46

الصفحة 46