كتاب الرحلة إلى أفريقيا - ط عالم الفوائد

تقرب المعقولات كالمحسوسات.
والاستقراء الصحيح دل على أن الحضارة الغربية فيها نا غاية
النفع، وضار غاية الضرر، أما النافبع منها فهو ما أنتجته في الميادين
الحيوية في الماديات والتنظيميات، وما خدمت به الانسان من حيتث
إنه جسم في جميع أنواع الحياة، والضار منها: هو الافلالس الروحي
والتمرد على نظام السماء الذي وضعه خالق الكون - جل وعلا -، فاذا
عرفنا ن منها تافعا ومنها ضارا فنضرب لذلك الامثال - مثل الموقف
الطبيعي منها - مثل رجل بعيد عن العمران في آخر رمق من العطش،
وجد سما فتاكا وماء عذبا زلالا، فالعقل الصحيح يحصر الاقسام عنده
في أربعة: إما أن يشرب السم والماء معا، أو يتركهما معا، أو يشرب
السم ويترك الماء، أو يشرب الماء ويترك السم. فان شربهما معا لم ينتفع
بالماء؛ لان السم يهلكه، وإن تركهما معا مات في الطريق ولم يلحق
بالقافلة، وسقط دون الركب، وان شرب السم وترك الماء فهو رجل
احمق أهوج لا يدري خيرا من شر، وان كان عاقلا فطبعا نه يشرب الماء
ويترك السم، ونحن يؤسفنا كل الاسف أن المنتشبين للسياسة الذين
يحركون دفة الامور عكسوا القضية، فشربوا من الحضارة الغربية سمها
القاتل الفتاك وهو ماجنته من الانحطاط الخلقي والرذالة والتمرد على
نظام السماء، وتركوا نافعها وهو التقدم الدنيوي في ميادين الحياة!!
ما حسن الدين والدنيا إذا اجتمعا و قبح الكفر والافلالس بالرجل (1)
(1) البيت لابي العتاهية، وهو في ديوانه (ص 174).
54

الصفحة 54