كتاب المحاضرات - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)

وان كانت إناطة الحكم به لا تتضمن مصلحة بالذات ولكنها
تستلزمها بالتبع، فذلك الوصف هو الجامع بين الاصل والفرع في نوع
القياس المسمى بقياس الشبه، على ما حرره جماعة من الاصوليين،
منهم القاضي أبو بكر الباقلاني، والقرافي، وزادوا على ماذكر كون
الشرع قد شهد بتأثير جنس ذلك الوصف القريب في جنس ذلك الحكم
القريب، يعنون أنه لا يكتفى بالجنس البعيد في ذلك.
ومثاله قولهم: الخل مائع لا تبنى على جنسه القنطرة، ولا يصاد
من جنسه السمك، فلا تصح الطهارة به قياسا على الدهن. فقولهم: لا
تبنى القنطرة على جنسه ولا يصاد من جنسه السمك، ليس مناسبا في
ذاته؛ لان عدم بناء القنطرة عليه وعدم صيد السمك منه بالنظر إلى ذات
تلك الاوصاف، فهي أوصاف طردية بالنسبة إلى الطهارة وعدمها،
ولكنها مستلزمة للمناسبطه
قال القرافي في "شرح التنقيح ": "فان العادة ان القنطرة لا تبنى
على الاشياء القليلة بل على الكثيرة كالانهار، فالقلة مناسبة لعدم
مشروعية المتصف بها من المائعات للطهارة العامة، فان الشرع العام
يقتضي ن تكون سبابه عامة الوجود،، أما تكليف الكل بما لا يجده
إلا البعض فبعيد عن القواعد، فصار قولهم: لا تبنى القنطرة على
جنسه ولا يصاد من جنسه السمك، ليس بمناسب، وهو مستلزم
للمناسب. وقد شهد الشرع بتأثير جنس القلة والتعذر في عدم
مشروعية الطهارة، بدليل أن الماء إذا قل واشتدت إليه الحاجة فانه
يسقط الامر به وينتقل إلى التيمم ". بواسظة نقل " نشر البنود".
31

الصفحة 31