كتاب المحاضرات - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)

يتخلف، وموافقة جميع الصحابة على ذلك من غير نكير لمجرد
المصلحة المرسلة، مع أنه ثبت في الصحيح أن النبي! لم يتفالد
كعب بن مالك ولم يعلم بتخلفه حتى وصل تبوك، ونحو ذلك من
الوقائع التي ذكروا والتي لم يذكروها حجة ظاهرة لمالك فيما شابهها.
واعلم أن العلماء غير مالك اختلفوا في العمل بالمصلحة المرسلة.
قال ابن السبكي في "جمع الجوامع " في مبحث تقسيم المناسب
الذي ذكرنا إلى مؤثر وملائم وغريب ومرسل ما نصه: "فان دل الدليل
على الغائه فلا يعلل به، والا فهو المرسل قبله مالك مطلفا، وكاد إمام
الحرمين يوافقه مع مناداته عليه بالنكير، ورده الاكثر مطلقا، وقوم في
العبادات. . . " الخ.
وقال شارحه صاحب "الضياء اللامع ": "ومالم يشهد له الشرع
باعتبار ولا إهدار، ولكنه على سنن المصالج وتتلقاه العقول بالقبول
فهو المرسل، واختلف في العمل به على مذاهب:
أحدها: رده، وبه قال القاضي أبو بكر، والشافعي في حد قوليه،
وعزاه المصنف - يعني ابن السبكي - إلى الاكثر.
الثاني: اعتباره مطلفا، وبه قال مالك وحكاه القرافي في "شرح
المحصول " عن معظم الحنفية، وهو أحد قولي الشافعي، وقد قال
الأبياري: ما ذهب إليه الشافعي هو عين مذهب مالك، وقد رام
الامام - يعني إمام الحرمين - التفريق بين المذهبين ولا يجد إلى ذلك
سبيلأ أبدا، ئم يقال له: ما ذكرته من التقييد لقول الشافعي من التقريب
37

الصفحة 37