كتاب المحاضرات - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)

المصالح فهل اليه سبيل أو لا؟ قلنا: لا سبيل إليه مع كثرة الاموال في
أيدي الجنود، أما إذا خلت الايدي من الاموال ولم يكن من مال
المصالح ما يفي بخراجات العسكر، ولو تفرق العسكر واشتغلوا
بالكسب لخيف دخول الكفار بلاد الإسلام، أو خيف ثوران الفتنة من
أهل الفرقة في بلاد الإسلام، فيجوز للامام أن يوظف على الاغنياء
مقدار كفاية الجند، ثم إن رأى في طريق التوزيع التخصيص بالاراضي
فلا حرج، لانا نعلم أنه إذا تعارض شران أو ضرران قصد الشرع دفع
أشد الضررين وأعظم الشرين، وما يؤديه كل واحد منهم قليل بالاضافة
إلى ما يخاطر به من نفسه وماله لو حلت خطة الإسلام عن ذي شوكة
يحفط نظام الامور، ويقطع مادة الشرور، وكان هذا لا يخلو عن شهادة
أصول معينة، فان لولي الطفل عمارة القنوات، وإخراج أجرة الفصاد
وثمن الادوية، وكل ذلك تنجيز خسران لتوقع ما هو أكثر منه، وهذا
أيضا يؤيد مسلك الترجيح في مسألة التترس، لكن هذا تصرف في
الاموال. والاموال مبتذلة يجوز ابتذالها في الاغراض التي هي أهم
منها. وإنما المحظور سفك دم معصوم من غير ذنب سافك " اهمحل
الغرض منه.
وهو يدل على العمل بالمصلحة المرسلة في أخذ الامام الاموال
من الناس ليهعئ بها الجند؛ لحفط بلاد المسلمين من الكفار والظلمة،
ولا شك أن حفط بلاد المسلمين، يجب على ولاة المسلمين وإن لم
يكن لذلك طريق ممكنة إلا خذ بعض الاموال من الاغنياء. ولا خلاف
في ارتكاب أخف الضررين وجواز العمل به وإن كانت مصلحة مرسلة.
واعلم أن ما فعله عمر - رضي الله عنه - من عدم قسمه للأرض
42

الصفحة 42