كتاب المحاضرات - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)

يليق به من الخدمة، أرجح من مصلحة قطع الذريعة إلى الزنا باجتماع
الجنسين في البلد الواحد.
ومثال استلزام المصلحة مفسدة راجحة أو مساوية: ما إذا طلب
المسلمون فداء أساراهم من الكفار، فامتنع الكفار أن يقبلوا الفداء إلا
بسلاح يعلم به أن ذلك السلاح ييسر لهم قتل عدد الاسارى أو كثر من
المسملمين، فان كان ييسر لهم قتل الاسارى فالمفسدة مساوية، وإن
كان ييسر لهم قتل أكثر منهم فالمفسدة راجحة.
ومثال تأدية المصلحة إلى مفسدة في ثاني حال - أعني متجددة في
المستقبل -: ما وقع من مؤمني قوم نوح - عليه السلام - فإن تصويرهم
لرجالهم الصالحين: يغوث، ويعوق، ونسر، وود، وسواع، في حالته
الاولى مصلحة، وهي التي قصدوها بتصويرهم؟ لانهم إذا رأو
صورهم تذكروا صلاجهم وعبادتهم فبكوا وعبدوا الله وأطاعوه،
ولكنهم لم يعلموا أن هذه المصلحة مستلزمة في المسشقبل لمفسدة هي
أعظم المفاسد وهي: أن ذلك التصوير وسيلة للكفر البواح والشرك
بالله؛ لانهم لما مات أهل العلم منهم وبقي أهل الجهل زين لهم
الشيطان عبادة تلك الصور فعبدوها، وذلك أول شرفي وقع في
الارض. وهو أعظم مفسدة قد استلزمتها مصلحة مرسلة، ولم يتفطن
لها عند استعمال المصلحة، وذلك يستوجا الحذر التام من العمل
بالمصالح المرسلة، خوف استلزامها بعض المفاسد التي تتجدد في
المستقبل، كما ذكرنا آنفاه
48

الصفحة 48