كتاب الإسلام دين كامل - ضمن «محاضرات الشنقيطي» ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)
الْعَالمِينَ (23)} [الشعراء / 23] = مكابرةٌ وتجاهل، بدليل قوله: {قَال لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنْزَلَ هَؤُلَاءِ إلا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ بَصَائِرَ} [الإسراء / 102] الآية، وقوله: {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا} [النمل / 14]، ولهذا كان القرآن ينزل بتقرير هذا النوع من التوحيد بصيغة استفهام التقرير، كقوله: {أَفِي اللَّهِ شَكٌّ} [إبراهيم / 10]، وقوله: {قُلْ أَغَيرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيءٍ} [الأنعام / 164] وقوله: {قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ} [الرعد / 16] ونحو ذلك لأنهم يقرون به.
وهذا النوع من التوحيد لم ينفع الكفار لأنهم لم يوحدوه جل وعلا في عبادته، كما قال: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إلا وَهُمْ مُشْرِكُونَ (106)} [يوسف / 106]، {مَا نَعْبُدُهُمْ إلا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} [الزمر / 3]، {وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ} [يونس / 18] الآية.
النوع الثاني: توحيده جل وعلا في عبادته، وهو الذي وَقَعت فيه جميع المعاركِ بين الرسلِ والأمم، وهو الذي أُرْسلَت الرسل لتحقيقه، وحاصلُه هو معنى لا إله إلا الله، فهو مبنيٌّ على أصلين: هما النَّفيُ والإثبات من: (لا إله إلا الله) فمعنى النفي منها: خلع جميع أنواع المعبودات غير الله تعالى في جميع أنواع العبادة كائنة ما كانت، ومعنى الإثبات منها: هو إفراده جل وعلا وحده بجميع أنواع العبادة على الوجه الذي شرع أن يُعبدَ به، وجُلُّ القرآن في هذا النوع: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} [النحل / 36]، {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إلا نُوحِي إِلَيهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إلا أَنَا فَاعْبُدُونِ (25)}
الصفحة 9
187