كتاب إتمام الدراية لقراء النقاية

وَأما إِذا خَافَ الرِّيَاء فالإسرار وَعَلِيهِ يحمل حَدِيث التِّرْمِذِيّ
الجاهر بِالْقُرْآنِ كالجاهر بِالصَّدَقَةِ والمسر بِالْقُرْآنِ كالمسر بِالصَّدَقَةِ وَالسُّكُوت أفضل من التَّكَلُّم وَلَو اسْتَوَت مصلحتهما إِلَّا فِي حق قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
كل كَلَام ابْن آدم عَلَيْهِ لَا لَهُ إِلَّا أمرا بِمَعْرُوف أَو نهيا عَن مُنكر أَو ذكرا لله تَعَالَى وَقَالَ
لَا تكثروا الْكَلَام بِغَيْر ذكر الله فَإِن الْكَلَام بِغَيْر ذكر الله قسوة الْقلب وَإِن أبعد النَّاس من الله الْقلب القاسي وَقَالَ
إِذا أصبح ابْن آدم فَإِن الْأَعْضَاء كلهَا تذكر اللِّسَان فَتَقول لَهُ اتَّقِ الله فِينَا فَإِنَّمَا نَحن بك فَإِن اسْتَقَمْت استقمنا وَإِن اعوججت إعوججنا وَقَالَ لعقبة ابْن عَامر
وَقد سَأَلَهُ مَا النجَاة أمسك عَلَيْك لسَانك وليسعك بَيْتك وَقَالَ لِسُفْيَان وَقد سَأَلَهُ مَا أخوف مَا تخَاف عَليّ
هَذَا وَأخذ بِلِسَانِهِ وَقَالَ أنس رَضِي الله عَنهُ توفّي رجل فبشره رجل بِالْجنَّةِ فَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
أَو لَا تَدْرِي فَلَعَلَّهُ تكلم بِمَا لَا يعنيه رَوَاهَا كلهَا التِّرْمِذِيّ وَغَيره وَفِي الصَّحِيحَيْنِ
إِن العَبْد يتلكم بِالْكَلِمَةِ مَا يتَبَيَّن فِيهَا يزل بهَا إِلَى النَّار أبعد مَا بَين الْمشرق وَالْمغْرب وروى البُخَارِيّ حَدِيث
من يضمن لي مَا بَين لحييْهِ وَرجلَيْهِ أضمن لَهُ الْجنَّة وَقَوله مَا يتَبَيَّن أَي يتفكر فِي أَنَّهَا خير أم لَا والمستثنى فِي الحَدِيث الأول هُوَ المُرَاد بِقَوْلِي إِلَّا فِي حق
ومخالطة النَّاس وَتحمل أذاهم أفضل من اعتزالهم قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
الْمُؤمن الَّذِي يخالط النَّاس ويصبر على أذاهم خير من الَّذِي لَا يخالط النَّاس وَلَا يصبر على أذاهم رَوَاهُ البُخَارِيّ فِي الْأَدَب وَغَيره وَهُوَ أَي إعتزالهم أفضل حَيْثُ خَافَ الْفِتْنَة فِي دينه بموافقتهم على مَا هم عَلَيْهِ وَعَلِيهِ يحمل حَدِيث عقبَة السَّابِق
وليسعك بَيْتك وَحَدِيث البُخَارِيّ
يُوشك أَن يكون خير مَال الْمُسلم غنم يتبع بهَا شغف الْجبَال ومواقع الْقطر يفر بِدِينِهِ من الْفِتَن وَحَدِيث الصَّحِيحَيْنِ
أَي النَّاس أفضل قَالُوا من جَاهد بِمَالِه وَنَفسه قَالَ ثمَّ من قَالُوا الله وَرَسُوله أعلم قَالَ ثمَّ مُؤمن يعتزل النَّاس فِي شعب يَتَّقِي ربه ويدع النَّاس من شَره وروى ابْن أبي الدُّنْيَا فِي كتاب الْعُزْلَة حَدِيث
إِن أعجب النَّاس إِلَيّ رجل يُؤمن بِاللَّه وَرَسُوله وَيُقِيم الصَّلَاة ويؤتي الزَّكَاة ويحفظ دينه ويعتزل النَّاس وروى الْبَيْهَقِيّ فِي الزّهْد من حَدِيث أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا

الصفحة 183