كتاب تاريخ دمشق لابن عساكر (اسم الجزء: 70)

قال فلما قالت هذا البيت قال الحجاج قاتلها الله ما أصاب صفتي شاعر منذ دخلت العراق غيرها ثم التفت إلى عنبسة بن سعيد فقال والله إني لأعد للأمر (1) عسى ألا يكون أبدا ثم التفت إليها فقال حسبك قالت قد قلت أكثر من هذا قال حسبك ويحك حسبك ثم قال يا غلام اذهب بها إلى فلان فقل له اقطع لسانها قال فذهب (2) فقال له يقول لك الأمير اقطع لسانها قال فأمر بإحضار الحجام فالتفتت إليه فقالت له ثكلتك أمك أما سمعت ما قال إنما أمرك أن تقطع لساني بالبر والصلة فبعث إليه يستثبته فاستشاط الحجاج غضبا وهم بقطع لسانه وقال ارددها فلما دخلت عليه قالت كاد وأمانة الله أيها الأمير يقطع مقولي ثم أنشأت تقول: حجاج أنت الذي ما فوقه أحد * إلا الخليفة والمستغفر الصمد حجاج أنت شهاب الحرب إن لقحت (3) * وأنت للناس نور في الدجى يقد ثم أقبل الحجاج [على جلسائه] (4) فقال أتدرون من هذه قالوا لا والله أيها الأمير إلا أننا لم نر امرأة قط أفصح لسانا ولا أحسن محاورة ولا أملح وجها ولا أرصن شعرا منها فقال هذه ليلى الأخيلية التي مات توبة الخفاجي من حبها ثم التفت إليها فقال أنشدينا يا ليلى بعض ما قال فيك توبة فقالت نعم أيها الأمير هو الذي يقول: فهل تبكين ليلى إذا مت قبلها * وقام على قبري النساء النوائح كما لو أصاب الموت ليلى بكيتها * وجاد لها دمع من العين سافح وأغبط من ليلى بما لا أنا له * بلى كل ما قرت به العين صالح ولو (5) أن ليلى الأخيلية سلمت * علي وفوقي تربة وصفائح لسلمت تسليم البشاشة أو زقا * إليها صدى من جانب القبر صائح فقال لها زيدينا يا ليلى من شعره فقالت نعم هو الذي يقول (6) :
_________
(1) بالاصل و " ز ": الامر والمثبت عن الجليس الصالح
(2) قوله: قال: فذهب سقط من الجليس الصالح
(3) أي هاجت بعد سكون
(4) قوله: على جلسائهه سقط من الاصل واستدرك عن " ز " والجليس الصالح
(5) الابيات الثلاثة التالية في الاغاني 11 / 244 والشعر والشعراء 1 / 446
(6) الابيات في الجليس الصالح 1 / 334 والاغاني 11 / 208

الصفحة 65