كتاب الأحاديث الواردة في البيوع المنهي عنها

فقد أعظم على الله الفِرْيَة؛ لأنه قد نسب الله عز وجل إلى الجهل بما يؤول إليه حال الناس - والعياذ بالله -.
وهذا الدين لا يقوم بنشره إلا العلماء وطلبة العلم الذين يبينون للناس أحكام دينهم، وينصحون لهم في توجيههم ودعوتهم، ومن ذلك بيان أحكام المعاملات بين الناس في البيع والشراء، وقد ذمّ الله عز وجل الربانيين والأحبار من أهل الكتاب الذين لم ينهوا قومهم عن أكل المال الحرام من الربا والسحت. قال تعالى: {وَتَرَى كَثِيراً مِنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ لَوْلا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الْأِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ} 1 ومن المعلوم أن معرفة أحكام البيوع من فروض الكفايات على المسلمين. فأما من كان يشتغل بالبيع والشراء، فيتعين عليه أن يعلم ما يحتاج إليه في معاملاته حتى لا يقع في الحرام وهو لا يشعر. وإن المتأمل في أسواق المسلمين اليوم ومعاملاتهم يرى كثرة ما يقع فيه الناس من المعاملات المحرّمة، وكثير من هؤلاء يقع فيما يقع فيه نتيجة للجهل بأحكام المعاملات.
وقد تقدم أن ما من معاملة إلا وللشرع فيها حكم؛ وبيان ذلك أن الأصل في المعاملات الحلّ إلا ما جاء في الشرع تحريمه - كما سيأتي إن شاء الله -، فعلى ذلك لا تخرج أي معاملة عن أن تكون داخلة في البيوع المنهي عنها، أو تكون مما جاء الدليل بإباحتها، أو مسكوت عنها، فهي مما أباح الله تعالى أيضاً؛ لأنه الأصل في البيوع.
____________________
1 الآيات (62،63) من سورة المائدة.

الصفحة 11