وقد ذهب الزهري والليث إلى جواز بيع جلد الميتة حتى قبل الدباغ1، ودليل الزهري هو حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - المتقدم: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرة بشاة ميتة …" الحديث. فليس فيه اشتراط الدباغ للانتفاع به.
إلا أن هذا الحديث الذي استدل به مطلق، يقيده حديث: " إذا دبغ الإهاب فقد طهر".
ومذهب مالك في المشهور عنه2، وأحمد في رواية3 المنع من بيع جلود الميتة حتى لو دبغت، لقوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} 4، والجلد من الميتة فهو نجس.
ويرى المالكية أن الدباغ لا يطهر جلد الميتة طهارة كاملة، وإنما يبيح الانتفاع به في الأشياء اليابسة فقط5.
واستدل أحمد بحديث عبد الله بن عكيم: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب إلى جهينة قبل موته بشهر: " ألا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب"6.
____________________
1 التمهيد (4/156) .
2 الخرشي على مختصر سيدي خليل (1/89) .
3 الإنصاف (1/89) ، زاد المعاد (5/758) .
4 سورة المائدة، الآية (3) .
5 المنتقى (3/134) .
6 أخرجه أبو داود [كتاب اللباس (4/370-371) ] ، واللفظ له. والترمذي [كتاب اللباس (4/222) ] . والنسائي [كتاب الفرع والعتيرة (7/175) ] . وابن ماجه [كتاب اللباس (2/1194) ] . والطيالسي (1293) . وأحمد (4/310-311) . والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/468) . والطبراني في الصغير (1/221-222) . =