كتاب أخبار الشيوخ وأخلاقهم

فَأَمَرَ بِسَاجٍ فَطُرِحَ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَرْفَعْ رَأْسَهُ، فَلَمَّا جَازَ رَفَعَ رَأْسَهُ، ثُمَّ سَبَّحَ مَا بَدَا لَهُ ثُمَّ سَلَّمَ، فَنَظَرَ فَإِذَا عَلَيْهِ سَاجٌ، فَقَالَ فَانْتَفَضَ، ثُمَّ مَضَى وَتَرَكَهُ.
قَالَ: فَبَلَغَ ذَلِكَ مُحَمَّدَ بْنَ يُوسُفَ فَغَضِبَ عَلَيْهِ وَبَعَثَهُ يُصْدِقُ أَمْوَالَهُمْ، فَلَمَّا قَدِمَ قَالَ: أَيْنَ دِيوَانَكَ؟ قَالَ: أَيُّ دِيوَانِي، أَبَعَثْتَنِي جَابِيًا، أَوْ آخِذَ جِزْيَةٍ؟ ! كُنْتُ أَنْزِلُ الْقَرْيَةَ فَأَجْمَعُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ صَدَقَاتِهِمْ، ثُمَّ أَعُودُ بِهَا عَلَى فُقَرَائِهِمْ، لَيْسَ مَعِي دِيوَانٌ وَلا مَالٌ.
قَالَ: فَوَضَعَهُ فِي السِّجْنِ، ثُمَّ كَتَبَ إِلَى الْحَجَّاجِ يُخْبِرُهُ خَبَرَهُ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ الْحَجَّاجُ: يَا عَاجِزُ، أَوَ مَا عَرَفْتَ طَاوُسًا حَتَّى بَعَثْتَهُ، خَلِّ طَاوُسًا يَذْهُبُ إِلَى أَهْلِهِ، وَخُذِ الْقَوْمَ بِمَا كَانُوا يُؤْخَذُونَ بِهِ.
قَالَ نُعْمَانُ: فَبَلَغَنِي أَنَّهُ كَانَ يَنْزِلُ الْقَرْيَةَ فَيَجْمَعُ أَهْلَهَا فَيَقُولُ: تَصَدَّقُوا رَحِمَكُمُ اللَّهُ، قَالَ: ثُمَّ يَأْخُذُ لَوْحًا فَيَكْتُبُ فِيهِ مَا أَعْطَوْا، ثُمَّ يَدْعُو بِالْمَسَاكِينِ فَيَكْتُبُهُمْ فِي جَانِبِ اللَّوْحِ الآخَرِ، ثُمَّ يَأْخُذُ مِنْ ذَا وَيُعْطِي ذَا، فَإِذَا فَرَغَ مَحَى جَانِبَ اللَّوْحِ، ثُمَّ رَكِبَ.

203 - سَمِعْتُ إِسْحَاقَ بْنَ دَاوُدَ بْنِ صُبَيْحٍ يَقُولُ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ هَارُونَ، عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ، أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ يُوسُفَ كَانَ وَالِيًا عَلَى الْيَمَنِ، فَأَرْسَلَ إِلَى طَاوُسٍ وَوَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ، فَدَخَلا عَلَيْهِ، وَكَانَ يَوْمًا بَارِدًا، قَالَ: فَنَظَرَ إِلَى طَاوُسٍ فَرَآهُ مُقْشَعِرًّا، فَظَنَّ أَنَّهُ يَجِدُ الْبَرْدَ، فَأَمَرَ بِطَيْلَسَانِ خَزٍّ بِثَمَنِ أَلْفِ دِرْهَمٍ فَأَلْقَاهُ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَزَلْ طَاوُسٌ يُحَرِّكُ كَتِفَيْهِ حَتَّى سَقَطَ

الصفحة 133