كتاب تسديد الإصابة فيما شجر بين الصحابة
خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (134)} [البقرة: 134]» (¬1).
وسُئِلَ الحَسَنُ البَصْرِيُّ رَحِمَهُ اللهُ عَمَّا حَصَلَ بَيْنَ الصَّحَابَةِ فَقَالَ: «قِتَالٌ شَهِدَهُ أصْحَابُ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - وغِبْنَا، وعَلِمُوا وجَهِلْنَا، واجْتَمَعُوا فاتَّبَعْنا، واخْتَلَفُوا فَوَقَفْنا» (¬2).
ومَعْنَى كَلامِ الحَسَنِ البَصْرِيِّ هَذَا: «أنَّ الصَّحَابَةَ كَانُوا أعْلَمَ بِمَا دَخَلُوا فِيْهِ مِنَّا، وما عَلَيْنَا إلاَّ أنْ نَتَّبعَهُم فِيْمَا اجْتَمَعُوا عَلَيْهِ، ونَقِفَ عِنْدَ ما اخْتَلَفُوا فِيْهِ، ولا نَبْتَدِعُ رَأيًا مِنَّا، ونَعْلَمُ أنَّهُم اجْتَهَدُوا وأرَادُوا اللهَ عَزَّ وجَلَّ إذْ كَانُوا غَيْرَ مُتَّهَمِيْنَ في الدِّيْنِ» (¬3).
* * *
وقَالَ الإمَامُ أحْمَدُ رَحِمَهُ اللهُ بَعْدَ أنْ قِيْلَ لَهُ: ما تَقُوْلُ فِيْمَا كَانَ بَيْنَ عَلِيٍّ ومُعَاوِيَةَ؟ قَالَ: «ما أقُولُ فِيْهِم إلاَّ الحُسْنَى» (¬4).
وقَالَ ابنُ أبي زَيْدٍ القَيْرَوَانِيُّ في صَدَدِ بَيَانِ ما يَجِبُ أنْ يَعْتَقِدَهُ المُسْلِمُ في أصْحَابِ رَسُوْلِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وما يَنْبَغِي أن يُذْكَرُوا بِهِ فَقَالَ:
¬_________
(¬1) انْظُرْ «مِنْهَاجَ السُّنةِ» لابنِ تَيْمِيَّةَ (6/ 254).
(¬2) «الجَامِعُ لأحْكَامِ القُرْآنِ» للقُرْطُبِيِّ (16/ 332).
(¬3) السَّابِقُ.
(¬4) «مَنَاقِبُ الإمَامِ أحْمَدَ» لابنِ الجَوْزِيِّ ص (146).
الصفحة 164