كتاب تسديد الإصابة فيما شجر بين الصحابة

الفَصْلُ الثَّانِي
أهَمِيَّةُ التَّارِيْخِ
ومِنْ خِلالِ هَذَا التَّعْرِيْفِ الجَامِعِ لعِلْمِ التَّارِيْخِ تَبَيَّنَ لدَيْنا أنَّ فَنَّ التَّارِيْخِ فَنٌّ عَزِيْزُ المَذْهَبِ، جَمُّ الفَوَائِدِ، شَرِيْفُ الغَايَةِ؛ إذْ هُوَ يُوْقِفُنا عَلَى أحْوَالِ المَاضِيْنَ مِنَ الأُمَمِ في أخْلاقِهِم، والأنْبِيَاءِ في سِيَرِهِم، والمُلُوْكِ في دُوَلِهِم وسِيَاسَتِهِم، حَتَّى تَتِمَّ فَائِدَةُ الإقْتِدَاءِ في ذَلِكَ لِمَنْ يَرُوْمُهُ في أحْوَالِ الدِّيْنِ والدُّنْيا (¬1).
* * *
لِذَا نَجِدُ التَّارِيْخَ الإسْلامِيَّ قَدْ أخَذَ مَكَانَةً عَظِيْمَةً عِنْدَ عُلَمَاءِ المُسْلِمِيْنَ حَيْثُ اعْتَنَوْا بِه عِنَايَةً فَائِقَةً، لِهَذا نَجِدُهُم قَدْ دَوَّنُوْهُ وأكْثَرُوْا، وجَمَعُوا تَوَارِيْخَ الأُمَمِ والمُلُوْكِ والدُّوَلِ في العَالَمِ وسَطَّرُوْا؛ إلاَّ أنَّ الَّذِيْنَ ذَهَبُوْا مِنْهُم بِفَضْلِ الشُّهْرَةِ والأمَانَةِ المُعْتَبَرَةِ قَلِيْلُوْنَ لا يَكَادُوْنَ يَتَجَاوَزَوْنَ عَدَدَ الأنَامِلِ.
مِثْلُ: ابنِ إسْحَاقَ المَطْلَبِيِّ (151)، وابنِ
¬_________
(¬1) انْظُرْ «مُقَدِّمَةَ ابنِ خُلْدُوْنٍ» (1/ 9).

الصفحة 21