كتاب المنح الشافيات بشرح مفردات الإمام أحمد (اسم الجزء: 1)

ولنا قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ليس من البر الصيام (¬1) في السفر". متفق عليه (¬2)، ولأنه -عليه السلام- أفطر في السفر فلما بلغه أن قومًا صاموا قال: "أولئك العصاة". رواه مسلم (¬3).
بل قيل: إن الصوم في السفر لا يجزئ لظاهر الأحاديث السابقة وغيرها قال ابن عبد البر: هذا قول يروى عن عبد الرحمن (¬4) بن عوف هجره الفقهاء كلهم (¬5)، والسنة ترده، قال أنس: كنا نسافر مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلم يعب الصائم على المفطر ولا المفطر على الصائم. متفق عليه (¬6) والأحاديث السابقة محمولة على تفضيل الفطر على الصيام وقوله: "أولئك العصاة"
يحتمل أنهم اعتقدوا عدم حل الفطر أو نحوه.
ومن نوى الصيام وهو حاضر ... في يومه يفطر إذ يسافر
يعني: إذا أنشا الحاضر السفر في أثناء يوم من رمضان فله الفطر في ذلك اليوم إذا فارق بيوت قريته العامرة وهذا قول عمرو بن شرحبيل والشعبي وإسحاق وأبي (¬7) داود وابن المنذر (¬8).
وعنه: لا يباح له فطر ذلك (اليوم) (¬9) وهو قول مكحول والزهري
¬__________
(¬1) في النجديات، ط الصوم.
(¬2) في البخاري 4/ 161 - 162 ومسلمٌ برقم 1115 وأبو داود برقم 2407 والنسائيُّ 4/ 176.
(¬3) مسلم برقم 1114 والترمذيُّ برقم 710.
(¬4) في النجديات، هـ عبد الله بن عوف وفي ط عبد الله وابن عوف وهو الصحابي المشهور فإنه كان يرى ذلك وهو في النسائي 4/ 183 وصحح ابن حزم في المحلى 4/ 257 إسناده .. وانظر تلخيص الحبير 2/ 204.
(¬5) بل قال به ابن حزم في المحلى 4/ 243.
(¬6) البخاري 4/ 163 أو مسلم برقم 1118.
(¬7) في ب، ج، هـ وأبو داود وفي أ، ط أبي داود.
(¬8) وهو اختيار شيخ الإِسلام ابن تيمية -رحمه الله-: في الفتاوى 25/ 212، ورجحه الصنعاني في سبل السلام 2/ 320 والشوكاني في نيل الأوطار 4/ 255 وقال: (وهذا هو الحق).
(¬9) ما بين القوسين من ب.

الصفحة 325