كتاب المنح الشافيات بشرح مفردات الإمام أحمد (اسم الجزء: 1)

أن الاعتكاف لا يجب على الناس فرضًا إلا أن ينذر المرء على نفسه الاعتكاف فيجب عليه (¬1).
ولا يصح إلا في المسجد لقوله تعالى: {وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} [البقرة: 187] فلو صح في غيرها لم تختص بتحريم المباشرة، إذ هي محرمة في الاعتكاف مطلقا، ولأنه -عليه السلام- كان لا يدخل البيت في اعتكافه إلا لحاجة، ولا يصح ممّن تلزمه الجماعة إلا بمسجد تقام فيه (¬2) لما روى الدارقطني بإسناده عن الزهري عن عروة وسعيد ابن المسيب عن عائشة أن السنة للمعتكف أن لا يخرج إلا لحاجة الإنسان، ولا اعتكاف (¬3) إلا في مسجد جماعة (¬4)، وهو ينصرف إلى سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولئلا يلزم ترك الجماعة أو (¬5) تكرر الخروج المنافي للاعتكاف، بخلاف الجمعة لأنها لا تتكرر.
ويصح اعتكاف المرأة ومن لا تلزمه الجماعة كالعبد والمسافر بكل (¬6) مسجد، ولا يصح اعتكاف المرأة في مسجد بيتها، لأنه ليس بمسجد حقيقة.
¬__________
(¬1) انظر الإجماع 47.
(¬2) وهو رواية عن أبي حنيفة قال في فتح القدير 2/ 393: وروى الحسن عن أبي حنيفة أن كل مسجد له إمام ومؤذن معلوم، ويصلى فيه الخمس بالجماعة يصح الاعتكاف فيه، وصححه بعض المشائخ.
(¬3) في أ، ج، ط الاعتكاف.
(¬4) جزء من حديث رواه الدارقطني 2/ 201 وقال فيه (يقال إن قوله وأن السنة للمعتكف). إلخ ليس من قول النبي - صلى الله عليه وسلم - وأنه من كلام الزهري ومن أدرجه في الحديث فقدوهم. أ. هـ. وقد أعله ابن الجوزي في التحقيق بإبراهيم بن محشر ونقل عن ابن عدي أنه قال: له أحاديث مناكير. أ. هـ. من نصب الراية 2/ 487 وقال الألباني في إرواء الغليل 4/ 140:
وقوله: (ليس من قول النبي - صلى الله عليه وسلم -) لعله سبق قلم فإن هذا النفي لا حاجة إليه لأن أحدًا من الرواة لم يذكر أنه من قوله - صلى الله عليه وسلم - لأن الحديث من أصله ليس من قوله - صلى الله عليه وسلم - وإنما هو من قول عائشة تحكى فعله - صلى الله عليه وسلم - فالظاهر أنه أراد أن يقول: "ليس من قول عائشة فوهم".
(¬5) في د، س و.
(¬6) بياض في ط وفي حـ بعكـ.

الصفحة 335