كتاب المنح الشافيات بشرح مفردات الإمام أحمد (اسم الجزء: 1)

عبد العزيز حاضر فلم يعبه، وقال يزيد بن يزيد بن جابر: السنة في الذي يغل أن يحرق رحله رواهما سعيد في سننه (¬1).
وقال أبو حنيفة ومالك والليث والشافعيُّ: لا يحرق (¬2)؛ لأنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يحرق في خبر رواه أبو داود (¬3)، ولأن إحراق المتاع إضاعة له (¬4) وقد نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن إضاعة المال (¬5).
ولنا: ما روى صالح بن محمَّد بن زائدة قال: دخلت مع مسلمة أرض الروم فأتي برجل قد غل فسأل سالمًا عنه فقال: سمعت أبي يحدث عن عمر بن الخطّاب عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا وجدتم الرجل قد غل فاحرقوا متاعه واضربوه"، قال (¬6): فوجدنا في متاعه مصحفًا فسأل سالمًا عنه فقال: "بعه وتصدق بثمنه"، رواه سعيد وأبو داود والأثرم (¬7)، وروى عمرو بن
¬__________
(¬1) الأثر الأوّل في سنن سعيد 2/ 291 وأما أثر يزيد بن يزيد بن جابر فلم أره في المطبوع من سنن سعيد بل الذي عنده عن الحسن ولفظه: (حدثنا سعيد قال: نا خالد بن عبد الله عن يونس عن الحسن في الذي يغل قال: يحرق رحله. وقد روى عبد الرزاق في مصنفه برقم 9511 عن ابن عيينه عن يزيد بن يزيد بن جابر عن مكحول قال في الذي يغل يجمع رحله ويحرق).
(¬2) انظر عمدة القاري 15/ 7 - 8 والكافي لابن عبد البر 1/ 472 - 473 والأم 4/ 167.
(¬3) أبو داود برقم 2712 وهو عن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أصاب غنيمة أمر بلالًا فنادى في الناس فيجيئون بغنائمهم فيخمسه ويقسمه، فجاء رجل يومًا بعد النداء بزمام من شعر فقال: يا رسول الله، هذا كان فيما أصبناه من الغنيمة، فقال: "أسمعت بلالًا ينادي ثلاثًا"؟ قال: نعم، قال: "فما منعك أن تجيء به"، فاعتذر إليه فقال: كلا، أنت تجيء به يوم القيامة فلن أقبله عنك. وإسناده حسن وهو عند أحمد في الفتح الرباني 14/ 93 - 94.
(¬4) في النجديات، ط مال.
(¬5) وذلك في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله حرم عليكم عقوق الأمهات ووأد البنات ومنع وهات، وكره لكم قيل وقال وكثرة السؤال وإضاعة المال". رواه البخاري 2/ 575 وأحمدُ في المسند 2/ 327.
(¬6) في النجديات، هـ، ط فقال.
(¬7) سعيد بن منصور 2/ 292 وأبو داود برقم 2713 والترمذيُّ برقم 1461 وقال الترمذيُّ: حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه وسألت محمدًا -يعني البخاري- عن هذا الحديث فقال: إنما روى هذا صالح بن محمَّد بن زائدة وهو أبو واقد الليثي وهو=

الصفحة 393