كتاب المنح الشافيات بشرح مفردات الإمام أحمد (اسم الجزء: 1)
قسمها ووقفها على المسلمين، ويضرب عليها خراجًا مستمرًا يؤخذ ممّن هي في يده يكون أجرة لها في كل عام (¬1)، وتقر في أيدي أربابها يتوارثونها ما داموا يؤدون خراجها مسلمين كانوا أو من أهل الذمة، ولا يسقط خراجها بإسلام أربابها ولا بانتقالها إلى مسلم، لأنه بمنزلة أجرتها، قال في الشرح (¬2): ولم نعلم أن شيئًا مما (¬3) فتح عنوة قسم بين الغانمين إلا خيبر، فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قسم نصفها فصار لأهله لا خراج عليه، وسائر ما فتح عنوة مما فتحه عمر ومن بعده كأرض الشام والعراق ومصر وغيرها لم يقسم منه شيء.
فروى أبو عبيد (¬4) في كتاب الأموال أن عمر قدم الجابية (¬5) فأراد (¬6) قسم الأرضين بين المسلمين فقال له معاذ: والله إذن ليكونن ما تكره إنك إن قسمتها اليوم صار الريع العظيم في أيدي القوم ثم يبيدون (¬7) ويصير ذلك إلى الرجل الواحد والمرأة، ثم يأتي من بعدهم قوم يسدون من الإِسلام مسدًا، وهم لا يجدون شيئًا فانظر أمرًا يسع (¬8) أولهم وآخرهم فصار عمر إلى قول معاذ (¬9).
وروى أيضًا قال: قال الماجشون: قال بلال: لعمر بن الخطّاب في
¬__________
(¬1) وهذا مذهب الحنفية قال في الهداية 5/ 469 - 471: وإذا فتح الإمام بلدًا عنوة فهو بالخيار إن شاء قسمه بين الغانمين كما فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بخيبر، وإن شاء أقر أهله عليه ووضع عليهم الجزية وعلى أرضهم الخراج كذلك فعل عمر -رضي الله عنه- بسواد العراق بموافقة من الصحابة ولم يحمد من خالفه.
(¬2) الشرح الكبير 10/ 538.
(¬3) في النجديات ممّن.
(¬4) في ط عبيدة.
(¬5) الجابية: مركز على مسافة يوم جنوب غرب دمشق وفيها كانت إمارة الغساسنة قبل الإِسلام.
(¬6) في النجديات، ط وأراد.
(¬7) في أ، جـ، طا يبدون.
(¬8) في د لبيع وفي س ليسع.
(¬9) الأموال 59.