كتاب المنح الشافيات بشرح مفردات الإمام أحمد (اسم الجزء: 1)
فقالت: والله يا رسول الله ما أعتب على ثابت في دين ولا خلق ولكن أكره الكفر في الإِسلام لا أطيقه بغضًا. فقال لها النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أَتَرُدِّينَ عَلَيهِ حَدِيقَتهُ"؟ قالت: نعم. فأمره النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يأخذ منها حديقته ولا يزداد (¬1) فجعل -رحمه الله- الآية دالة على جواز أخذ الزيادة على المهر في الخلع، والنهي في الخبر دالًا على كراهة ذلك.
2 - أن صيغة الأمر عند الإطلاق تقتضي الوجوب، ولا تدل على غيره إلا بقرينة.
وهذا مذهب الجمهور (¬2). ومنه:
أ- وجوب قبول الحوالة على مليء، فلا يعتبر فيها رضا المُحَال. وقد أخذ أحمد بأمره - صلى الله عليه وسلم - في حديث أبي هريرة: "مَطْلُ الغَنِي ظُلْمٌ وَإِذَا أُتْبعَ أَحَدُكُمْ عَلَى مَليءٍ فَليَتّبعْ" [متفق عليه] (¬3). وحمله الجمهور على الاستحباب (¬4).
ب- وضع الجوائح. وقد أخذ أحمد بحديث جابر -رضي الله عنه- قال: أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بوضع الجوائح، رواه مسلم وأبو داود (¬5).
3 - اقتضاء النهي الفساد:
وقد نص الإمام أحمد عليه في مواضع. قال علاء الدين ابن اللحام: إطلاق النهي؛ هل يدل على الفساد أم لا؟ في ذلك مذاهب:
أحدها: أنه يدلّ على الفساد مطلقًا.
قال أبو البركات: نص عليه في مواضع تمسك فيها بالنهي المطلق على الفساد، وهذا قول جماعة من الفقهاء، حكاه القاضي أبو يعلى.
¬__________
(¬1) ابن ماجة برقم 2057، والبيهقيُّ 7/ 313.
(¬2) التمهيد في تخريج الفروع على الأصول 260 - 261.
(¬3) البخاري 4/ 381، ومسلمٌ برقم 1564.
(¬4) انظر فتح الباري 4/ 381، ونيل الأوطار 5/ 267.
(¬5) مسلم برقم 1554، وأبو داود برقم 3374، والنسائيُّ 7/ 364 - 365.