كتاب المنح الشافيات بشرح مفردات الإمام أحمد (اسم الجزء: 2)
{الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ} [النور: 3] فدعاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فتلا عليه الآية وقال: "لا تنكحها" (¬1) ولأنها إذا كانت مقيمة على الزنا لا (¬2) يأمن أن تلحق (¬3) به ولدًا من غيره وتفسد فراشه، وتوبتها أن تراود فتمتنع، كما روي عن عمر (¬4) وقال الموفق: والصحيح أن توبتها الاستغفار والندم والإقلاع عن الذنب كسائر الذنوب (¬5).
ولا يصح عقده من فاسق ... ولو وكيلًا (¬6) ليس بالموافق
أي: لا يصح عقد النكاح إذا كان الولي أو وكيله العاقد فاسقًا ظاهر الفسق فيشترط العدالة في الولي ولو ظاهرًا قال أحمد: أصح شيء في (¬7) هذا قول ابن عباس: لا. يعني: وقد روى ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل وأيما امرأة أنكحها ولي مسخوط عليه فنكاحها باطل" (¬8)، وروى البرقاني بإسناده عن جابر قال: قال
¬__________
(¬1) رواه أبو داود 1051 والترمذيُّ برقم 3176 والبيهقيُّ 7/ 153 وقال الترمذيُّ: حسن غريب.
(¬2) في د، س لم يأمن.
(¬3) في أ، جـ، ط يلحق.
(¬4) كذا في جميع النسخ والصحيح ابن عمر وهو كذلك في المغني 7/ 517، وحجة هذا القول أنه لا يعرف صدق توبتها بمجرد القول فصارت كمن قال الله فيهن: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ} [الممتحنة: 10]، والمهاجر قد يتناول التائب قال - صلى الله عليه وسلم -: "المهاجر من هجر ما نهى الله عنه"، رواه البخاري 1/ 51 فهذه إذا ادعت أنها هجرت السوء امتحنت على ذلك والصحيح أن هذا لا يجوز لأن الممتحن يدعو المرأة إلى الزنا ويطلبه منها ولا يكون إلا في خلوة ولا تحل الخلوة بالأجنبية ولو في تعليمها القرآن فكيف في مراودتها على الزنا، ولأنه قد يعرضها إلى نقض توبتها. انظر المغني 7/ 517 والفتاوى 32/ 125.
(¬5) المغني 7/ 517.
(¬6) في أ، ب، جـ، ط وكيل.
(¬7) سقط من هـ شيء في.
(¬8) رواه الدارقطني 3/ 212 - 213 والبيهقيُّ 7/ 124 وقال الدارقطنيُّ: رفعه عدي ابن الفضل ولم يرفعه غيره والمحفوظ أنه من قول ابن عباس.