كتاب المنح الشافيات بشرح مفردات الإمام أحمد (اسم الجزء: 2)
وعندنا فجاحد العارية ... يقطع كالسارق بالسوية
بنصه (¬1) جزمًا فقوم (¬2) صرحوا ... والشيخ في جمع فلا قد صححوا
أي: يقطع جاحد العارية كالسارق، جزم (¬3) به جماعة من الأصحاب وهو المذهب قطع به في التنقيح والإقناع والمنتهى وغيرها وهو قول إسحاق (¬4).
وصحح الشيخ الموفق والشارح وجماعة لا قطع عليه وهو قول الخرقي وأبي إسحاق بن شاقلا وأبي الخطاب وسائر الفقهاء لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا قطع على الخائن" (¬5)، ولأن الواجب قطع السارق، والخائن ليس بسارق فأشبه جاحد الوديعة وغيرها من الأمانات.
ولنا حديث عائشة: كانت امرأة تستعير المتاع وتجحده فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بقطع يدها، فأتى أهلها أسامة فكلموه فكلم النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا (¬6) أراك تكلمني في حد من حدود الله"، ثم قام النبي - صلى الله عليه وسلم - خطيبًا فقال: "إنما هلك (¬7) من كان قبلكم بأنه إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف قطعوه، والذي نفسي بيده لو كانت فاطمة بنت محمد لقطعت يدها"، قالت: فقطع يدها متفق (¬8) عليه، قال أحمد: لا أعرف شيئًا يدفعه.
¬__________
(¬1) في جـ بنصبه.
(¬2) في النجديات فقومًا.
(¬3) في ط وجزم.
(¬4) وهو قول زفر من الحنفية ومذهب الظاهرية قال ابن حزم في المحلى 11/ 362: فتقطع يد المستعير الجاحد كما تقطع من السارق سواء بسواء ورجحه ابن القيم في زاد المعاد 3/ 254 وإعلام الموقعين 2/ 46 والشوكاني في نيل الأوطار 7/ 150.
(¬5) رواه أبو داود برقم 4392 والترمذيُّ برقم 1448 أو عبد الرزاق 10/ 215 وقال فيه الترمذيُّ: حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.
(¬6) في د، س ألا.
(¬7) في ب أهلك.
(¬8) ليس من لفظ البخاري تستعير المتاع وتجحده، بل هو من لفظ مسلم برقم 1688 وأحمدُ 2/ 151 وأبي داود 4395 والنسائيُّ 8/ 70 وأصل الحديث في البخاري 12/ 76.