كتاب المنح الشافيات بشرح مفردات الإمام أحمد (اسم الجزء: 2)
وأكثر أهل العلم يقولون: إنه مباح ما لم يغل ويسكر لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:"اشربوا في كل وعاء ولا تشربوا مسكرًا" رواه أبو داود (¬1)، ولأن علة تحريمه الشدة المطربة وإنما هي في المسكر (¬2) خاصة.
ولنا: ما روى الشالنجي (¬3) بإسناده عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "اشربوا العصير ثلاثًا ما لم يغل" (¬4) وقال ابن عمر: اشربه ما لم يأخذه شيطانه قيل: وفي كم يأخذه شيطانه؟ قال في ثلاث: (¬5) ولأن الشدة تحصل في الثلاث (¬6) غالبًا وهي خفية (¬7) تحتاج إلى ضابط فجاز جعل الثلاث ضابطًا لها.
والنبيذ:- ماء يلقى فيه تمر أو زبيب أو نحوهما ليحلو به الماء وتذهب ملوحته كالعصير فلا بأس به ما لم يغل أو (¬8) تأت عليه ثلاثة أيام لما روي عن ابن عباس: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان ينبذ الزبيب فيشربه اليوم والغد وبعد الغد إلى مساء الثالثة ثم يأمر به فيسقى الخدم أو يهراق"، رواه أبو داود (¬9)
¬__________
(¬1) أبو داود برقم 3698 والنسائيُّ 8/ 311 وأخرج نحوه الترمذيُّ برقم 1869 عن بريدة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إني كنت نهينكم عن الظروف وإن ظرفًا لا يحل شيئًا ولا يحرمه وكل مسكر حرام". وقال: حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.
(¬2) في النجديات.
(¬3) في أ، والأزهريات السالنجي.
(¬4) رواه النسائي عن الشعبي عن النبي - صلى الله عليه وسلم -8/ 332.
(¬5) عبد الرزاق 9/ 217.
(¬6) في النجديات، ط ثلاث.
(¬7) في أ، ب، جـ حقيقة.
(¬8) في أ، جـ وربدل أو.
(¬9) الحديث رواه أحمد 1/ 232، 240 ومسلمٌ برقم 2004 وأبو داود برقم 2713 والنسائيُّ 8/ 333 والبيهقي 8/ 300.
وقد أجاب النووي في شرح مسلم 13/ 174 عن هذا بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما كان يترك شربه بعد الثلاث تنزهًا لأنه لا يؤمن تغيره حينئذ.
وما ورد عنه - صلى الله عليه وسلم - في هذا الحديث بأنه بعد الثلاث يسقيه الخادم أو يريقه محمول على اختلاف حال النبيذ فإن كان لم يظهر فيه تغير ونحوه من مبادئ الإسكار سقاه الخادم ولم يرقه لأنه مال تحرم إضاعته.
وإن كان قد ظهر فيه شيء من مبادئ الإسكار أراقه لأنه إذا أسكر صار حرامًا نجسًا.