كتاب المنح الشافيات بشرح مفردات الإمام أحمد (اسم الجزء: 2)

أي: إذا كان مسلم مع رفقة كفار مسافرين ولم يوجد غيرهم من المسلمين فوصى وشهد بوصيته اثنان منهم قبلت شهادتهما ويستحلفان بعد العصر لا نشتري به ثمنًا ولو كان ذا قربى ولا نكتم شهادة الله وإنّها لوصية الرَّجل بعينه، فإن عثر على أنّهما استحقا إثما قام آخران من أولياء الموصي فحلفا (¬1) بالله لشهادتنا أحق من شهادتهما ولقد خانا وكتما ويقضى لهم (¬2)، قال ابن المنذر: وبهذا (¬3) قال أكابر الماضين (¬4)، وممن قاله شريح والنخعي والأوزاعي ويحيى بن حمزة وقضى بذلك عبد الله بن مسعود في زمن عثمان رواه أبو عبيد (¬5)، وقضى به أبو موسى الأشعري رواه أبو داود والخلال (¬6).
وقال أبو حنيفة ومالك والشّافعيّ: لا تقبل؛ لأنّ من لا تقبل شهادته على غير الوصيَّة لا تقبل في الوصيَّة كالفاسق وأولى: واختلفوا في تأويل الآية على أنحاء لا تليق بهذا المختصر (¬7).
ولنا: قول الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ (¬8) حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ} [المائدة: 106] الآية، وهذا نصّ الكتاب، وقد قضى به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما في حديث ابن عبّاس رواه أبو داود (¬9)، وقضى به بعده أبو موسى وابن مسعود كما تقدّم، وحمل الآية على أنَّه أراد من غير عشيرتكم لا يصح؛ لأنّ الآية نزلت في
¬__________
(¬1) في أ، جـ الموصى إليه.
(¬2) وقد اختار هذا القول القرطبي في كتابة الجامع لأحكام القرآن 6/ 350.
(¬3) سقطت الواو من هـ.
(¬4) في أ، جـ العلماء وفي ب الصّحابة.
(¬5) في كتاب الناسخ والمنسوخ ص 156 برقم 289.
(¬6) أبو داود برقم 3605 والبيهقيُّ 10/ 165 والدارقطنيُّ 4/ 166 وقال في التعليق المغني: (سكت عنه أبو داود ثمّ المنذري).
(¬7) انظر أحكام القرآن للجصاص 2/ 489 - 491 والمدوّنة 6/ 156 وأحكام القرآن للكيا الهراس الشّافعيّ 3/ 311 - 313 نشر دار الكتب الحديثة ط مطبعة حسان.
(¬8) سقطت من هـ.
(¬9) رقم 3606 ورواه البخاريّ 5/ 308 والترمذيُّ برقم 3062 والدارقطنيُّ 4/ 168 - 169.

الصفحة 785