كتاب المنح الشافيات بشرح مفردات الإمام أحمد (اسم الجزء: 2)
قصة عدي وتميم بلا خلاف بين المفسرين (¬1)، ودلت عليه الأحاديث، ولأنّه لو صح ما ذكروه لم تجب الأيمان؛ لأنّ الشّاهدين من المسلمين لا قسامة عليهما، وكذا حملها (¬2) على التحمل (¬3).
واحدة النسا (¬4) بالاستهلال ... مذ (¬5) شهدت مقبولة المقال
كذاك (¬6) في منصوصه (¬7) الرضاع ... وعنه في استحلافها نزاع
أي: تقبل شهادة امرأة واحدة فيما لا يطلع عليه الرجال غالبًا كعيوب النِّساء تحت الثِّياب والرضاع والاستهلال والبكارة والثيوبة والحيض ونحوه (¬8)، وكذا جراحة ونحوها بحمام أو عرس.
وعن أبي حنيفة لا تقبل شهادتهن منفردات في الرضاع؛ لأنّه يجوز أن يطلع عليه محارم المرأة من الرجال فلم يثبت بالنساء منفردات كالرجال
¬__________
(¬1) يشير إلى ما رواه البخاريّ وأبو داود والترمذيُّ والدارقطنيُّ عن ابن عبّاس -رضي الله عنهما- وقد سبق تخريجه في هذه المفردة- ونصه عند البخاريّ قال: خرج رجل من بني سهم مع تميم الداري وعدي بن بداء فمات السهمي بأرض ليس بها مسلم فلما قدما بتركته فقدوا جامًا -أي: إناء- من فضة مخوصًا من ذهب، فأحلفهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثمّ وجدوا الجام بمكة، فقالوا: ابتعناه من تميم وعدي فقام رجلان من أولياء السهمي فحلفا لشهادتنا أحق من شاهدتهما، وأن الجام لصاحبهم. قال: وفيهم نزلت هذه الآية: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ}.
(¬2) في د، س حملهما.
(¬3) وقد أيد ذلك ابن حزم في المحلى 9/ 405 واختاره ابن تيمية. انظر الاختيارات 358 ورجحه ابن القيم في الطرق الحكمية 212 - 213 وذكر أنَّه صريح القرآن وقد عمل به الصّحابة وذهب إليه فقهاء الحديث.
(¬4) في أ، ب، النِّساء.
(¬5) في نظ من شهدت.
(¬6) في د، س كذا.
(¬7) في نظ مقبوضة.
(¬8) وبه قال أبو يوسف ومحمَّد بن الحسن ورجحه الكمال بن الهمام وغيره من علماء الحنفية. انظر البحر الرائق 7/ 67 وحاشية ابن عابدين 5/ 464 - 465 وفتح القدير 7/ 372 - 374.