كتاب أمالي ابن الحاجب (اسم الجزء: 1)

نعيد أول خلق إعادة مثل ما بدأناه، وتكون (ما) مصدرية. ويجوز أن يكون في موضع الحال، كأنه قال: نعيد أول خلق مماثل للذي بدأناه (¬1). وصح الحال لأنه من الضمير المعرفة في (نعيده). ويجوز أن يكون (كما بدأنا) متعلقاً بـ (نطوي) منصوبا على المصدر، أي: نفعل هذا الفعل العظيم كفعلنا هذا الفعل. والمصدر المذكور للتشبيه تارة يوافق المشبه به في اللفظ والمعنى، وتارة يخالفه. وإذا خالفه فقد يكون الأول بأمر عام والثاني بأمر خاص (¬2)، وقد يكون بالعكس (¬3)، وقد يكونان جميعاً مذكورين بلفظ خاص (¬4)، والمراد تشبيهه بالأمر العام، وهذا من القسم الآخر. والله أعلم بالصواب.

[إملاء 8]
[إعراب قوله تعالى: "يدعو لمن ضره"]
وقال أيضاً مملياً بالقاهرة سنة ثلاث عشرة على قوله: "يدعو لمن ضره أقرب من نفعه" (¬5):
فيه أقوال: منها: أن يكون (يدعو) تأكيداً لـ (يدعو) الأولى (¬6)، وما بعدها مبتدأ وخبر، وليس بشيء، فإن التأكيد اللفظي لا يفصل بينه وبين مؤكده بالجمل. ومنها أن (ذلك) في قوله: (ذلك هو الضلال البعيد) بمعنى الذي،
¬__________
(¬1) ما ذكره ابن الحاجب هو موقع الكاف من الإعراب في قوله: كما. قال الزمخشري: "ووجه آخر وهو أن ينتصب بفعل مضمر يفسره (نعيده، وما: موصولة، وأول خلق: ظرف لبدأناه". الكشاف 2/ 585.
(¬2) كقولك: فعلت هذا كما ضرب ذاك. هامش الأصل ورقة 5.
(¬3) كقولك: ضربت هذا كما فعلت ذاك. هامش الأصل ورقة 5.
(¬4) كقولك: أكلت هذا كما ضربت ذاك. هامش الأصل ورقة 5.
(¬5) الحج: 13. وبعدها: "لبئس المولى ولبئس العشير". والآية التي قبلها: "يدعو من دون الله ما لا يضره وما لا ينفعه ذلك هو الضلال البعيد".
(¬6) وقد ذكر هذا الوجه أبو حيان، واستحسنه. البحر المحيط 6/ 356.

الصفحة 119