كتاب أمالي ابن الحاجب (اسم الجزء: 1)

[إملاء 73]
[دخول إن الشرطية على الماضي]
وقال أيضا ممليا بدمشق سنة إحدى وعشرين على قوله تعالى: {إن كان قميصه قد من قبل فصدقت} (¬1). وكذلك قوله تعالى: {إن كنت قلته فقد علمته} (¬2). وكذلك قول الشاعر:
أتغضب إن أذنا قتيبة حزتا ... جهارا ولم تغضب لقتل ابن خازم (¬3)
الصحيح أن (إن) الشرطية إذا دخلت على الماضي قلبته مستقبلا. فأما قوله: (إن كان قميصه)، فلأن (كان) بمعنى: ثبت، فكأنه قيل: إن ثبت أن قميصه. وثبوت الشيء لا يلزم منه ألا يكون قبل ذلك ثابتا، فهي على بابها في الاستقبال، لأن المعنى: إن يثبت هذا في المستقبل فهي صادقة. وبهذا التأويل أول قوله: إن أذنا قتيبة حزتا، على أن القدير: إن كانت أذنا قتيبة حزتا. وقد ثبت حذف "كان" الناقصة مع الشرط كثيرا، كقولهم: إن خيرا فخير وإن شرا فشر، ونظائره كثيرة. وأما إن جعلت إن بمعنى إذ (¬4) فلا تحتاج إلى جوب.
¬__________
(¬1) يوسف: 26.
(¬2) المائدة: 116.
(¬3) البيت من الطويل وهو للفرزدق. انظر شرح ديوانه ص 855 (تعليق عبد الله الصاوي). وهو من شواهد سيبويه 3/ 161، والكامل 1/ 284، والرضى 2/ 264، ومعنى اللبيب 1/ 22 (دمشق). وقتيبة: هو قتيبة بن مسلم الباهلي، وابن خازم: هو عبد الله بن خازم أمير خراسان من قبل عبد الله بن الزبير. والشاهد فيه كسر همزة "إن" وحملها على معنى الشرط.
(¬4) قال ابن هشام: "وزعم الكوفيون أنها تكون بمعنى إذ". المغنى 1/ 22 (دمشق).

الصفحة 218