كتاب أمالي ابن الحاجب (اسم الجزء: 2)

يكون غير فصيح فيلجئ إليه أمر فيصير فصيحاً. مثال ذلك أن الله بدأ الخلق. الفصيح بل لا يكاد يسمع إلا "بدأ" قال تعالى: {كما بدأكم تعودون} (¬1)، وقال: {كيف بدأ الخلق} (¬2)، ثم قال: {أولم يروا كيف يبدئ الله الخلق} (¬3). فجاء رباعياً فصيحاً لما حسنه من التناسب بغيره وهو قوله: يعيده. وكذلك ما نحن بصدده من قوله: "سلاسلا وأغلالا"، وبابه.
قال: وروي أن بعض الشعراء قال لكاتبه اكتب: يا حار إن الركب قد جازوا، فقال يا سيدي: يا حار، أفصح وأكثر، فقال: اكتب يا حار إن الركب قد جازوا (¬4). فالكاتب نظر إلى اللغة الفصيحة الفاشية، وهذا نظر إلى تناسب اللفظ.
فقول الإمام في البرهان: إنما صرف ما كان جمعاً في القرآن لتناسب رؤوس الآي، ليس بمستقيم (¬5)، إذ ليس قوله: سلاسلا، رأس آية، ولا "قوارير" (¬6) الثاني، بل قد يكون لكونه رأس آية، وقد يكون لاجتماعه مع غيره من المنصرفات فيرد إلى الأصل ليتناسب معها، كما رد إلى الأصل عند وقوعه رأس آية ليتناسب مع غيرها من رؤوس الآي (¬7).
¬__________
(¬1) الأعراف: 29.
(¬2) العنكبوت: 20.
(¬3) العنكبوت: 19.
(¬4) وأنشد ابن يعيش في شرح المفصل (2/ 22) لزهير:
يا حار لا أرمين منكم بداهية ... لم يلقها سوقة قبلي ولا ملك
(¬5) قال الإمام: "والصحيح أن الأصل صرف كل اسم متمكن، وليس في صرف ما لا ينصرف خروج عن وضع الكلام". البرهان 1/ 550. فما نقله عنه ابن الحاجب ليس دقيقاً.
(¬6) الإنسان: 16.
(¬7) قال ابن الحاجب في شرح الكافية: "ويجوز صرفه للضرورة أو التناسب مثل: سلاسلاً =

الصفحة 522