كتاب شرح سنن النسائي المسمى شروق أنوار المنن الكبرى الإلهية بكشف أسرار السنن الصغرى النسائية (اسم الجزء: 1)

وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ}.
الكلام عليها ينحصر في أمور:
الأول: في ابتداء المصنف الكتاب بها في بدء كتاب الطهارة كما فعل البخاري -رحمه الله- بدأ بها في كتاب الطهارة، وذلك مناسب من وجوه:
1 - التبرك في مبدأ الكلام بكلام الله تعالى.
2 - أن الأصل في الاستدلال على الأحكام الشرعيّة كتاب الله تعالى أولًا وسنة الرسول -عليه الصلاة والسلام- ثانيًا.
3 - أن أكثر أحكام الطهارة ينبني على هذه الآية الكريمة ويتفرع عنها، فالكلام على الطهارة بيان لمعنى الآية الكريمة، ولهذا أَوْرَدَ المصنف في شرحها جميع أحاديث الطهارة شرحًا لها كما يأتي.
الثاني: سبب نزولها:
ثبت في الصحيحين وغيرهما عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أنها خرجت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بعض أسفاره -وهي غزوة المريسيع، والصحيح أنها كانت في سنة ست من الهجرة كما يأتي بيانه في شرح الحديث إن شاء الله، وهي غزوة بني المصطَلقِ من خزاعة، والمريسيع اسم ماءٍ لهم كانوا عليه بالساحل من ناحية قُدَيد، قالت عائشة: حتى إذا كنا بالبيداء أو بذات الجيش انقطع عقد لي، فذكرت الحديث قالت: فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين أصبح على غير ماء فأنزل الله آية التيمم فتيمموا، فقال أسَيد بن الحُضَير: ما هي بأول بركتكم يا آل أبي بكر.
وهذا السبب متفق على أنه سبب النزول، وأن التيمم لم يكن شرع قبل ذلك كما يأتي إن شاء الله تعالى.
غير أنه أشكل على العلماء أي الآيتين تعني عائشة -رضي الله عنها-؟ أهي: هذه، أم آية النساء؟ . وذلك لأن آية النساء فيها ما يدل على أنها متقدمة على غزوة المريسيع، لأن فيها ذكر تحريم الصلاة في حال السكر، وذلك قبل تحريم الخمر، وتحريم الخمر مختلف فيه فقيل: كان في حصار بني النضير، وذلك سنة أربع من الهجرة وقيل: بعد بدرٍ، وقبل أحدٍ، وذلك كله قبل نزول آية

الصفحة 15