كتاب شرح سنن النسائي المسمى شروق أنوار المنن الكبرى الإلهية بكشف أسرار السنن الصغرى النسائية (اسم الجزء: 1)
بعضهم بالواو كما قال ابن مالك:
وبعضهم بالواو رفعًا نطقًا
وهي لغة هذيل كما في قول بعضهم:
نحن الذون صبّحوا الصباحا ... يوم النخيل غارة ملحاحا
ورجح العيني -رحمه الله-: أنّه اسم دال على الجمع، وليس بجمع، واحتج بأنّه أخص من مفرده لأنّ مفرده يكون للعاقل، وغيره، وهو لا يكون إلا للعاقل والمشهور الأول، وقد جاء الذي بمعنى الذين كما يأتي المفرد بمعنى الجمع كما في قول الشاعر:
وإن الذي حانت بفلج دماؤهم ... هم القوم كل القوم يا أم خالد
وهو هنا إما صفة لـ"أي"، وهو الجاري على ألسنة المعربين، وفيه وجه آخر وهو أنه نعت لموصوف محذوف التقدير: أيها القوم الذين آمنوا، أو الناس الذين آمنوا، والخطاب بالذين لجماعة الذكور، ويدخل فيه في عرف الشرع الإناث؛ إما لأنهم مخاطبون على ألسنة الذكور، أو لأنهم تبع للذكور في أغلب الأمور.
وقوله: ({ءَامَنُوا}): صلة الموصول، وأصل هذا اللفظ أن يراد به وصف جماعة الذكور كما تقدم، والإيمان في اللغة: التصديق ومنه قول أبناء يعقوب لأبيهم: {وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ}. ولكنه في عرف الشرع: مخصوص بالتصديق الجازم بما جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم - عن الله تعالى فيكون على ذلك له حقيقة لغوية، وحقيقة شرعية، وهذا أصله في الشرع كما في حديث جبريل المشهور فإنه لمّا سأله - صلى الله عليه وسلم - بقوله: أخبرني عن الإيمان قال: "أن تؤمن بالله وملائكته، وكتبه، ورسله، وباليوم الآخر، وبالقدر خيره، وشره" الحديث، وجاء في الشرع مرادًا به الصلاة، وهي من أعماله، ولوازمه كما في قوله تعالى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} أي صلاتكم إلى بيت المقدس، كما جاء مرادًا به سائر وظائف الشرع في قوله: "الإيمان بضع وسبعون شعبة، فأعلاها قول لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق". لأن من شرط صحة التصديق مطابقة الجوارح للقلب بالعمل كما سيأتي. ويطلق على مراقبة الرب كما في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن" الحديث، فإن مذهب أهل السنة والجماعة أن لا يكفر أحد بذنب من هذه الأعمال، ولا
الصفحة 19
1920