كتاب شرح سنن النسائي المسمى شروق أنوار المنن الكبرى الإلهية بكشف أسرار السنن الصغرى النسائية (اسم الجزء: 1)

غيرها من الكبائر ما عدا الشرك بالله، والخلاف في ترك الصلاة عمدًا، فالمراد أنه ساعة الزنا ترفع من قلبه عظمة الرب فينقص إيمانه بذلك، فكأنه غير مصدق بمشاهدته له ساعة التلبس بالمعصية ولو استشعر مراقبته لما غشيها، ومنهم من جعل المراد بالنفي نفي الكمال، وهو يرجع إلى ما قدمناه والله أعلم.
قوله: ({إِذَاَ}): كلمة تأتي في العربية لمعنيين أحدهما: أن تكون للمفاجأة فتختص بالجمل الإسمية، ولا يصدر بها الكلام، ولا تفتقر إلى الجواب، نحو: خرجت فهذا الصديق بالباب. وقال سبحانه: {فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى} {فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ}، الثاني: أن تكون ظرفًا لما يستقبل من الزمن كما هنا فتكون متضمنة معنى الشرط، وتفتقر إلى الجزاء غير أنها لا يجزم بها وسمع الجزم بها في الشعر في قول الشاعر:
استغن ما أغناك ربك بالغنى ... وإذا تصبك خصاصة فتحمّل
وتختص بالجمل الفعلية، فإن وليها اسم قدر الفعل بينها، وبينه كما في قوله سبحانه: {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ} التقدير إذا انشقت السماء، وقد أشار ابن مالك إلى ذلك بقوله:
وألزموا إذا إضافة إلى ... جمل الأفعال كهن إذا اعتلى
وأكثر أهل العربية على أنّ العامل فيها جواب الشرط، وأن الجملة بعدها في محل جر بالإِضافة إليها، كما دل عليه البيت السابق، واعترض بعضهم على ذلك بقول زهير:
بدا لي أني لست مدرك ما مضى ... ولا سابقًا شيئًا إذا كان جائيا
وزعم بعضهم: أن الجملة هي التي تعمل فيها، ورُدَّ بأن المضاف إليها لا يعمل في المضاف، وأجابوا عن ذلك بأنها حينئذٍ لا تكون مضافة كما أنها إذا جزمت لا تكون مضافة، وذكر ابن هشام أنها قد تخرج عن الشرطية كما في قوله تعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ} {وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ} والواقعة بعد القسم كما في قوله تعالى: {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى} {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى} على ما هو مقرر في موضعه من كتب العربية.
وقوله: ({قُمْتُمْ}): من القيام الذي هو ضد الجلوس، ويقال قام إلى الشيء إذا نهض لفعله، أو سعى لكن يعدى في السعي بفي فيقال: قام فيه،

الصفحة 20