كتاب شرح سنن النسائي المسمى شروق أنوار المنن الكبرى الإلهية بكشف أسرار السنن الصغرى النسائية (اسم الجزء: 1)

وأخذه بشار فقال:
إذا ما غضبنا غضبة مضرية ... هتكنا حجاب الشمس أو قطرت دما
إذا ما أعرنا سيدًا من قبيلة ... ذرى منبر صلى علينا وسلما
وفي التنزيل {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ} أي ادع لهم، وفي الحديث في فضل الصلاة: "فإذا صلى لم تزل الملائكة تصلي عليه مادام في مصلَّاهُ" الحديث. أي فتستغفر له وتدعو له، وهي في عرف الشرع: (العبادة ذات الركوع والسجود) سميت بذلك إما لأن من أفْعَالها الدعاء، وإما مشتقة من الصلا الذي هو الظهر لأن المصلي يثني ظهره، وإما من الصلوين وهما إما العرقان المكتنفان الظهر، وإما جانبا عجم الذنب، ويشهد له قول الراجز:
لا أضع الدلو ولا أصلي ... حتى أرى جلتها تولي
يعني: أنه لا يضع الدلو، ولا يوليها صلويه حتى تشرب؛ فتصد عن الماء.
وقوله: ({فَاَغْسِلُوا}): الفاء واقعة في جواب الشرط، وخطاب المذكر هنا يدخل فيه الإناث كما تقدم بيانه، واغسلوا أمر من الغسل: غسل الشيء يغسله، غَسلًا وغُسلًا، بالفتح والضم مصدران، وقيل بالفتح المصدر، وبالضم اسم للاغتسال، ويقال غُسُلًا بضمتين، قال الكميت يصف حمار وحش أصابه المطر:
تحت الألاءة في نوعين من غسل ... باتا عليه بتسجال وتقطار
وهو في عرف الشرع: "إمرار الماء على الجسد" إذا لم يكن فيه نجاسة فإن كانت فلابد من إزالتها بالماء، وعند مالك -رحمه الله- في المشهور عنه لابد من إمرار اليد مع الماء ويسمى هذا عندهم بالدلك، ولا يشترط عند غيره، قال القرطبي -رحمه الله-: (ولابد في غسل الوجه من نقل الماء إليه وإمرار اليد عليه وهذه حقيقة الغسل عندنا .. قال: وقال غيرنا: إنما عليه إجراء الماء وليس عليه دلك بيده، ولا شك أنه إذا انغمس الرجل في الماء حتى غمر وجهه ويديه، ولم يدلك يقال غسل وجهه ويديه، ومعلوم أنه لا يعتبر في ذلك غير حصول الاسم فإذا حصل كفى) اهـ.
ولابد من مغسولٍ به، وهو الماء ولكنه معلوم فحذف للعلم به.
وقوله: ({وُجُوهَكُمْ}): الوجوه جمع وجه مشتق من المواجهة، وهي المقابلة، وحكى الفراء حي الوجوه وحي الأجوه بالهمز فيقال: الوجوه،

الصفحة 22