كتاب شرح سنن النسائي المسمى شروق أنوار المنن الكبرى الإلهية بكشف أسرار السنن الصغرى النسائية (اسم الجزء: 1)

والأجوه، وذكر ابن السكيت إن ذلك يفعل كثيرًا في الواو إذا انضمت؛ أي أنها تقلب همزة في اللغة، وهو مأخوذ من المواجهة، وهي المقابلة، وهو عضو مشتمل على أعضاءٍ وله طول وعرض، فحده طولًا من مبدأ سطح الجبهة إلى منتهى اللحيين، وهما عظما الحنك، ويسميان الفكين، وعليهما منابت الأسنان السفلى، وهذا في حق من لا لحية له كالأمرد، والكوسج، وأما من له لحية فيغسل ما استرسل من الشعر إلى آخر لحيته، وحده عرضًا من الأذن إلى الأذن، وقال بعضهم: حد الوجه من منابت الشعر المعتاد، إلى آخر الذقن وعرضًا ما بين الأذنين، والأنزع والأصلع يغسلان مقدار حد منبت الشعر المعتاد، والأغم كذلك، وقدّره بعض الفقهاء بمقدار أربع أصابع، وليس من الوجه عند الأكثرين داخل الفم والأنف، وكذلك داخل العينين، وروي عن بعض الصحابة أنه كان يفعل ذلك أي يغسل داخل عينيه فَعَمِيَ من أجل ذلك في آخر عمره، كما روي عن ابن عمر، وليس منه أيضًا الأذنان على الصحيح خلافًا لمن قال إنهما من الوجه بدليل ما ثبت في دعاء السجود: سجد وجهي للذي خلقه، وصوره، وشق سمعه وبصره، قال: فجعلهما للوجه بإضافتهما له، وهذا لا يلزم لأن الإضافة تكون للمجاور والمصاحب كما تكون في الجزء من الشيء، وبينت السنة أن الأكمل في الغسل أن يكون ثلاثًا كما يأتي بيانه، وأن الزيادة عليها إسراف، وأن الاقتصار على الواحدة، وعلى الاثنتين من الغسلات جائز كما يأتي إن شاء الله.
واختلفوا في تخليل اللحية: فمنهم من أوجبه، ومنهم من أوجبه في الخفيفة دون الكثيفة في الوضوء، وفيهما في الغسل، ومنهم من أوجبه في الكثيفة، دون الخفيفة عكس الأول.
قوله: ({وَأَيْدِيكُمْ}): جمع يد وهي الجارحة، والصحيح فيها أنها من الأصابع إلى المنكب، فهي لفظ مشترك يحتاج إلى البيان، وهي من الأسماء التي حذف لامها، وأصلها يدي على وزن فعل بسكون العين، فحذفت الياء تخفيفًا ونقلت حركتها إلى الدال، وتجمع على أيد، ويدي جمع قلة، وهو الأصل في هذا الجمع من فعل كفلس، وأفلس، وفلوس، ولا يجمع فعل بالتحريك هذا الجمع إلا في أحرف يسيرة مثل جبل، وأجبل، وزمن، وأزمن، وعصا، وأعص، ومثل هذا من الأسماء التي على حرفين محذوفة اللام لا يرد

الصفحة 23