كتاب شرح سنن النسائي المسمى شروق أنوار المنن الكبرى الإلهية بكشف أسرار السنن الصغرى النسائية (اسم الجزء: 1)

قلت: فتحصل من هذا، أن الغالب في الاستعمال؛ هجر ما عدا المضارع والأمر من تصاريف هذا الفعل، ولكن سُمع منه الماضي في الشعر والمصدر فيه وفي الحديث أيضًا، وسُمع اسم الفاعل واسم المفعول في الشعر.
وفي الرواية الأخرى: (اتركوه)، وقوله: (لا تزرموه) أي: لا تقطعوا عليه بوله، والإزرام: القطع، وزرم بوله ودمعه وكلامه انقطع، كازرأمَّ.
وقوله: (فلما) الفاء عاطفة أو هي الفصيحة أي: فتركوه، فلما فرغ أي: انتهى بوله وفرغ منه، وتقدم الكلام على لما. وقوله: (دعا) أي: طلب، والضمير للنبي - صلى الله عليه وسلم -، وقوله (بدلو) يحتمل أن الباء على أصلها في الاستعمال، يقال: دعا بفلان ودعا بكذا؛ إذا طلبه، ويحتمل أن دعا هنا بمعنى أمر، والدلو: آلة الماء الذي يستخرج بها من البئر ونحوه من الجلود، وهو من المعتل الجاري مجرى الصحيح، ويذكر ويؤنث إلَّا أن التأنيث فيه أكثر، قال رؤبة:
تمشي بدلو مكرب العراقي. فَذَكَّرَهُ.
ولكن تصغيره يدل على أن التأنيث فيه أجود؛ لأنهم يقولون فيه دُلْيَةُ، وجمع القلة فيه أدل على أفعل، قلبت الواو لتطرفها بعد الضمة، وجمع الكثرة دلاء كما في قول حسان - رضي الله عنه -:
لساني صارم لا عيب فيه ... وبحري لا تكدره الدلاء
ودَلي ودِلي بكسر الدال وكلاهما على فعول، والدلو: برج في السماء، ويقال للداهية. قال الراجز:
يحملن عنقاء وعنقفيرًا ... والدلو والديلم والزفيرا
والمراد هنا: دلو فيه ماء، كما في الرواية الأخرى: "ذنوبًا من ماء" والذنوب بالفتح: الدلو الكبيرة المملوءة بالماء، ولهذا قال: (فصب عليه) والفاء فصيحة أي: فجيء به فصب عليه، أي: البول المدلول عليه بقوله (فبال)، وفي الرواية الأخرى: "صُب على بوله".

• الأحكام والفوائد
وفي الحديث: المبادرة إلى إنكار المنكر وأن وجود الفاضل لا يمنع المفضول من المبادرة، وفيه: أنه فرض كفاية لأن البعض ابتدروه وكفَّ

الصفحة 236