كتاب شرح سنن النسائي المسمى شروق أنوار المنن الكبرى الإلهية بكشف أسرار السنن الصغرى النسائية (اسم الجزء: 1)

كانت العلة ما تقدم ذكره. وقال داود وابن حزم ومن وافقهما: إن من بال في إناء وصبه في الماء، أو تغوط في الماء، أو بال خارجه وسال البول فيه، أو بال فيه غيره وهو يعلم ذلك؛ لا يتناول شيئًا من ذلك النهي المذكور، وهذا كما قال ابن دقيق العيد -رحمه الله- والبدر العيني: من أشنع ما روي عنهما من الجمود على الظاهر. قال العيني: (احتج به أصحابنا -يعني الحنفية- على أن الماء الذي لا يبلغ الغدير إذا وقعت فيه نجاسة؛ لم يجز الوضوء به قليلًا كان أو كثيرًا، وعلى أن القلتين تحمل النجاسة لأن الحديث مطلق، فبإطلاقه يتناول القليل والكثير والقلتين والأكثر منهما، ولو قلنا إن القلتين تحمل النجاسة لم يكن للنهي فائدة، على أن هذا الحديث أصح من حديث القلتين) اهـ.
قلت: وقوله: (يتناول القليل والكثير) تقدم تقييد هذا ونحوه من النصوص بالإجماع على أن المستبحر لا تضره النجاسة، وعند الحنفية أيضًا على ما تقدم في وقوع النجاسة في الغدير وما يشبهه.
58 - أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَتِيقٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: لَا يَبُولَنَّ أَحَدُكُمْ فِي الْمَاءِ الدَّائِمِ ثُمَّ يَغْتَسِلُ مِنْهُ. قَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ: كَانَ يَعْقُوبُ لَا يُحَدِّثُ بِهَذَا الْحَدِيثِ إِلَّا بِدِينَارٍ.

• [رواته: 5]
1 - يعقوب بن إبراهيم: تقدم 22.
2 - إسماعيل بن علية: تقدم 19.
3 - يحيى بن عتيق الطفاوي البصري، روى عن محمد بن سيرين والحسن ومجاهد، وعنه الحمادان وعبد العزيز بن المختار وهمام بن يحيى وإسماعيل بن علية وغيرهم. وثقه أحمد والنسائي وابن معين وأبو حاتم وابن سعد، وذكره ابن حبان في الثقات وقال فيه: كان ورعًا متقنًا مات قبل أيوب، اهـ والله أعلم.
4 - محمد بن سيرين: تقدم 57.
5 - أبو هريرة: تقدم 1.
وتقدم ما يتعلق به في الذي قبله.

الصفحة 243