كتاب شرح سنن النسائي المسمى شروق أنوار المنن الكبرى الإلهية بكشف أسرار السنن الصغرى النسائية (اسم الجزء: 1)

• التخريج
أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود وابن ماجه وأحمد وابن خزيمة.

• اللغة والإعراب والمعنى
قوله: (كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا افتتح الصلاة) كان فعل ماض تدل على تكرار الفعل، قال ابن دقيق العيد: كان يفعل كذا بمعنى: تكرر منه فعله وكان عادة له.
قلت: هذا هو الغالب، وقد جاء هذا اللفظ معبرًا به عن مجرد الفعل مرة واحدة، كما في أحاديث المناسك: "كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يفعل كذا"، ولم يحج في الإِسلام إلَّا حجة واحدة كما لا يخفى! ! فدلالتها على التكرار في الغالب.
وقوله: (افتتح الصلاة) أي كبّر فيها، وافتتاح الشيء بمعنى الشروع فيه، وفي حديث عائشة -رضي الله عنها-: "كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يفتتح الصلاة بالتكبير" الحديث. فمعنى افتتحها: كبّر تكبيرة الإحرام التي هي مفتاحها، كما في حديث علي: "افتتاحها التكبير"، وكما في الرواية الأخرى بلفظ: "إذا كبّر". وقوله: (سكت) أصله: أمسك عن الكلام، يقال: يسكت سكوتًا؛ إذا أمسك عن الكلام، ورواية البخاري: (يسكت) بصيغة المضارع. قال الجوهري: تقول: تكلم الرجل ثم سكت؛ من غير ألف، فإذا انقطع كلامه فلم يتكلم قلت: اسكت، قال الراجز:
قد رابني أن الكرى أسكتا ... لو كان معنيًا بها لهيتا
قوله: (هنية) رواية الأكثرين بضم الهاء وشد الياء، ويروى: "هنيهة" و"هنيئة"، وذكر النووي: (أن الهمزة خطأ وأن الأصل هنوة، فلما صغّر صار هنيوة، فاجتمعت الواو والياء وسبقت إحداهما بالسكون، فقلبت الواو ياء ثم أدغمت). اهـ.
قلت: يعني أدغمت الأولى في الثانية المبدلة من الواو في سيّد وهيّن ونحوهما، على القاعدة المشار إليها بقول ابن مالك:
إن يسكن السابق من واو ويا ... واتصلا ومن عروض عريًا
فياء الواو اقلبن مدغما ... وشذ معطى غير ما تقدما
وتعقب كلام النووي -رحمه الله- بأنه لا يمنع ذلك رواية الهمزة، لجواز أن تكون الياء قلبت همزة كما جاء في رواية الكشميهني: (هنيهة) بإبدالها هاء، وهي رواية إسحاق والحميدي في مسنديهما. والمعنى: سكت مدة قليلة،

الصفحة 248